للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير إحداث فعل، فالأمانة مُستمرة صرَّح به الإمام (١) والغزالي في "البسيط" وغيرهما (٢)، ولو قبضه لنفسه بفعل من غير كيل أو وزن دخل في ضمانه؛ لأنه قبض فاسد، قله في الضمان حكم الصحيح، ولو كانت الصِّيغة ثم أمسكه لنفسك، فلا بدَّ من إحداث فعلٍ على الأصح، والثاني يكفي مجرد الإمساك، حكاهما الإمام (٣) ورجح أولهما.

واعلم أن القول بصحة البيع في هذه المسألة يتعين أن يكون مُفرعًا على صحة التوكيل، وعلى صحة البيع، إما في حالة الحضور على الصحيح، وإما في حال الغيبة على أحد الوجهين، والقاضي حسين، والإمام، والغزالي ذكروه غير مُفرَّع، وذلك يدل على أنهم قائلون بصحة التوكيل والبيع، إما مطلقًا وهو الأقرب، وإما حالة الحضور، والبغوي لما ذكر ما قاله العراقيون، وعرف ما قاله القاضي حسين مُطلقًا احتاج أن يُفرِّعه عليه.

المسألة الثانية: لو قال: بعهُ لي واستوف الثمن لنفسك أطلقوا صحة البيع، ويتعين أن يكون مفرعًا كما صنع صاحب "التهذيب" (٤)، وأما استيفاء الثمن لنفسه؛ فلا يصح؛ لأنه ما لم يصح قبض الراهن لا يتصور منه القبض لنفسه.

قال الرافعي: "وهنا بمجرد قبضه يصير مضمونًا عليه" (٥)، وهكذا قاله القاضي حسين، وأما البغوي فلم يتعرض له هنا، وذكره في نظيره في باب بيع الطعام، قبل أن يستوفى فيما إذا دفع المُسلم إليه دراهم إلى المُسلم،


(١) نهاية المطلب (٦/ ١٧٦).
(٢) انظر: روضة الطالبين (٤/ ٨٩).
(٣) نهاية المطلب (٦/ ١٧٦).
(٤) التهذيب (٤/ ٦٣).
(٥) فتح العزيز (٤/ ٥٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>