للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرتهن انعزل عندنا وعند أحمد (١) خلافًا لأبي حنيفة (٢)، فإنه قال: إن هذه الوكالة صارت من حقوق الرهن، وإن عزله المرتهن دون الراهن قال أبو إسحاق: لا ينعزل (٣)، وهذا هو الأصح؛ لأنه ليس وكيلًا عنه، وإيراد ابن الصباغ يشعر بترجيحه، ويتناول كلام الشافعي على أنه يمتنع من التصرف، فيسمي المنع فسخًا، ولا خلاف أن المرتهن إذا منعه من البيع لم يبع.

وإن قلنا: لا ينعزل؛ لأن إذن المرتهن شرط في جواز التصرف، وقال الروياني: "المذهب الانعزال" (٤). وإنما قال ذلك لأجل ظاهر النص، والصحيح خلافه، وإن لم يعزله واحد منهما، ففي مراجعة الراهن الوجهان، والمرتهن لا بد من مراجعته؛ لأن الرهن لا يُباع إلا بعد طلبه، فكلام هؤلاء العراقيين ظاهره فرض المسألة فيما إذا لم يحصل إذن من المرتهن، وإنما حصل توكيل الراهن فقط، وعند هذا لا يحسن تردد في جانب المرتهن.

وأما الإمام ، فإنه صوَّر المسألة -فيما إذا كان الراهن والمرتهن قد أذنا للعدل، واستمرَّا على الإذن، وليست هذه مسألة العراقيين، والقطع بعدم مراجعة المرتهن فيها ظاهر، كما قاله الإمام (٥)، والخلاف فيها في الراهن محتمل على بُعد؛ لاحتمال قصده استبقاها لنفسه، والظاهر أن الرافعي رأى كلام الأصحاب مصورًا في الاشتراط، والشرط إنما يكون منهما جميعًا، فإذا تضمن الإذن في جانب الراهن، فليكن في جانب


(١) انظر: المغني (٤/ ٢٦٥).
(٢) انظر: حلية العلماء للقفال (٤/ ٤٣٢)، والمغني لابن قدامة (٤/ ٢٦٥).
(٣) انظر: حلية العلماء للقفال (٤/ ٤٣٢).
(٤) بحر المذهب (٥/ ٢٦٠) بمعناه.
(٥) نهاية المطلب (٦/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>