للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرتهن كذلك، فيكون إذنًا منهما، فلذلك جعل مسألة الإمام ومسألة العراقيين واحدة (١).

والجواب عن هذا: أن إذن المرتهن في البيع إنما يصح بعد قبض الرهن، فإنه قبل القبض جائز لا يستحق المرتهن أن يمنع الراهن من شيء من التصرفات، فكيف يأذن فيه؛ فلذلك لا يكون اشتراطه أو موافقته على الشرط الواقع في عقد الرهن إذنًا، وأما الراهن، فيملك التوكيل في البيع بحكم الملك، فيصح إذنه مع عقد الرهن وبعده.

نعم، قال الروياني "عن ابن سريج: لو جعلاه على يد عدلٍ ووكلاه ببيعه عند محل الحق فحلَّ. قال ابن سريج: إن كان الرهن مقبوضًا جاز ذلك، وإن كان غير مقبوض، فإن قال: بعه رهنًا لم يجز؛ لأنه لا يصير رهنًا قبل القبض، وإن قال: بعهُ مُطلقًا جاز له البيع، ويصير كما لو وكله ببيع سائر أملاكه التي لم يرهنها" (٢). انتهى.

وهذا موافق ما قلناه من أن إذن الراهن لا يتوقف على القبض، وقال الماوردي فيما إذا شرط أن العدل يبيعه قال: "إنه توكيل؛ فلا يتم بالعقد؛ لأنه اشتراط توكيل فيما بعد، فإذا سلما الرهن إلى العدل ووكلاه صح" (٣). انتهى. وهذا يقتضي أنه لا يجعل الاشتراط وحده توكيلًا حتى ينشئ توكيلًا عند القبض، ولعل مُراده فيما إذا قال: بعه رهنًا، فإنه لا يجوز حتى يُقبض كما تقدم عن الماوردي (٤) وَمَع هذا أقول: ينبغي أن يصح الإذن قبل القبض لحصول الملك، ويبيعه بعد القبض بصفة الرهن، وإذا حصل الرهن


(١) فتح العزيز (٤/ ٥٠١).
(٢) بحر المذهب (٥/ ٢٧١).
(٣) الحاوي الكبير (٦/ ١٣٢) بمعناه.
(٤) علق عليه في المخطوطة بقوله: "كذ"، وقال في الهامش: "صوابه الروياني".

<<  <  ج: ص:  >  >>