للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحديث الآخر بقوله: "لا يحل له".

ومحل الكلام على الخلوة كتاب العدد، وذكر الأصحاب هناك أنه لا يجوز أن يخلو رجلان بامرأةٍ واحدةٍ، ويجوز أن يخلو رجل بامرأتين ثقتين، والمنع من خلوة الرجلين بالمرأة من خلوة الرجل بالمرأتين إذا لم تكونا ثقتين ليس من النهي عن خلوة الرجل بالمرأة؛ إذ لا يصدق عليه، لكن من خارج، وربما يقال: إن قوله : "لَا يَدْخُلَنَّ رَجُلٌ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا عَلَى مُغِيبَةٍ إِلَّا وَمَعَهُ رَجُلٌ أَوِ اثْنَانِ". يدل على جواز خلوة الرجلين بالمرأة، ويجاب عندنا بأنه لا يلزم من الدخول الخلوة، فقد يكون الدخول على المغيبة ممنوعًا إلا بالشرط المذكور، والخلوة بها ممنوعًا به وبدونه؛ لأن الدخول مظنَّة التهمة، فقصد نفيها بأن يكون رجل أو رجلان يشهد له، فتزول التهمة.

ولفظ رواية البخاري (١): "وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ"، وهذا يقتضي التسوية بين الدخول والخلوة في الحكم، وما ذكروه من جواز خلوة الرجل بالمرأتين الثقتين ليس مجزومًا به، ففي كتاب الحج عن الشافعي (٢) والقفال (٣) والإمام (٤) وصاحب "العُدة" ما ينازع فيه، ويؤخذ من إطلاق قوله: "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ" أن عبد المرأة لا يخلو بها، والأصح عند الجمهور جواز نظره إليها؛ للآية، فإن سلك بالخلوة مسلك النظر، فيجوز أيضًا، وبه صرح صاحب "المهذب"، وهو الموافق لقول الأصحاب: إنه محرم لها، ولكن إطلاق المحرمية عليه إنما أريد به جواز النظر، وإلَّا فهو


(١) البخاري (١٨٦٢).
(٢) الأم (٢/ ١٢٧).
(٣) حلية العلماء (٣/ ٢٠٠).
(٤) نهاية المطلب (٤/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>