ليس بمحرم منها، وأيضًا قد يحرم الخلوة ولا يحرم النظر، ألا ترى أن الأجنبية اختلفوا في حل النظر إليها بغير شهوة؟! ولا خلاف في تحريم الخلوة بها، والظاهر أنه روعي في الخلوة ما روعي في السفر؛ ولهذا جمع بينهما في حدتٍ واحدٍ، فإن كلًّا منهما مظنة التهمة والفتنة بخلاف النظر بغير شهوة.
وصرَّح الجرجاني في "الشافي" بجواز سفره بها، فالحاصل أن الخلوة والسفر سواء، وصحح ابن أبي عصرون تحريم نظر العبد إلى سيِّدته، فإنه قال: لا يثبت لمملوك المرأة إذا كان فحلًا بالغًا حكم المحارم في أصح الوجهين؛ لأن المحرم من يحرم أبدًا، وقوله تعالى: ﴿مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾ يُحمل على الأمة المسلمة أو على الصغير، وعليه يحمل أمر الغلام الذي وهبهُ رسول الله ﷺ لفاطمة. هذا قوله في "الانتصار".
وقال في "الفوائد": ولا يخفى ما في جواز الخلوة من الفساد، وقال الجرجاني: إذا ملكت المرأة عبدًا، فهو كالمحرم لها، وله أن يسافر بها، ولكل واحد منهما أن ينظر إلى ما فوق السُّرة ودون الركبة من صاحبه، وقيل: لا يكون، كالمحرم وسواء في ذلك العبد الخصي والفحل؛ الأن الافتتان يتصور في كل منهما. انتهى.
وأنا أختار ما قاله ابن أبي عصرون من منع ذلك؛ لقوة المعنى، وعموم قوله:"لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ" يدل له، وأما الخصي أو الممسوح أو المجبوب إذا كان حرًّا أو مملوكًا لغيرها، فقال ابن أبي عصرون أيضًا بتحريم نظره إليها، إلا إذا كان شيخًا قد ذهبت شهوته، فإنه (١) يجوز لقوله
(١) وقال النووي في بعض كتبه: إنه الصواب وبالغ في ترجيحه، ونقله صاحب البيان عن رواية النسخ أيضًا مدعي الأصحاب، وأنهم أولوا الآية والحديث، وقال القاضي أبو الطيب في =