وقال ابن الصباغ: إنه قول القاضي أبي الطيب وطريقة الشيخ أبي حامد أن الشرط فاسد، وهل يفسد الرهن؟! قولان، وإذا قلنا: يفسد، ففي فساد البيع قولان.
قال ابن الصباغ: وهذا ظاهر كلام الشافعي، فإنه جعل الخيار في الرهن والبيع، وعلى ما ذكره القاضي لا يجرّ ذلك، ووجه ذلك أنه لم يجعل المنفعة عوضًا، وإنما شرطها له بحكم الوثيقة.
قلت: وأظن كلام الشيخ أبي حامد اختلف في ذلك، فإن "تعليقته" التي عندي بخط سليم فيها ما يوافق أبا الطيب قال: إن قدر مدة الانتفاع، فهو بيع وإجارة فيه قولان، وإن لم تقدر المنفعة، كان البيع باطلًا للجهالة، ويجرُّ على بعض أقوالنا في تفريق الصفقة؛ أن البيع في العبد جائز بالألف فحسب، وكان صور المسألة: إذا باع عبدًا بألف على أن يرهنه داره وتكون منفعتها له، وكذلك ذكر سُليم الرازي في "التقريب"، ورأيت في كلام الشافعي أيضًا في "الأم" ما يشهد له قال: إن باعه بألف وشرط رهنًا، وأن للمرتهن منفعة الرهن، فالشرط فاسد والبيع فاسد؛ لأن لزيادة منفعة الرهن حصة من الثمن غير معروفة مع فساده أنه من بيع وإجارة، ولو جعل ذلك معروفًا فقال: أرهنك داري سنة على أن لك سكناها تلك السنة؛ كان البيع والرهن فاسدًا من قبل أن هذا بيع وإجارة لا أعرف حصة الإجارة. انتهى.
وهو شاهد للتخريج على البيع والإجارة وأطلق الشافعي الفساد فيهما على أحد القولين في الجمع بين بيع وإجارة على أن التخريج المذكور مشكل من جهة أن هذا لو كان إجارة لكانت فاسدة؛ لاستقبال زمانها؛ لأن الرهن لا يصح بمجرد هذا الشرط على الأصح، كما سبق، فلا بد من إنشائه،