ومقتضى الشرط أن المنافع إنما تستحق بعد الرهن، فلو سلم أنه بيع وإجارة لم يمكن القول بصحتهما لهذا المعنى، بل يصح البيع وتبطل الإجارة إلا أن يقال: إنه لا يحتاج إلى إنشاء رهن أو أن شرط المنافع مستقل ليس تابعًا للرهن والمفهوم خلافه.
وقسم الماوردي على عادته المنافع أمرين (١): إما أن تكون أعيانًا أو آثارًا، فإن كانت أعيانًا كان البيع باطلًا؛ لأن الأعيان المعدومة صارت ثمنًا، وإن كانت آثارًا كالسكنى والركوب، فإن كانت غير مقدرة يومان بزمان، فالبيع باطل وإن كانت مقدرة بزمان كسكنى سنة وركوب شهر، فهذا عقد جمع بيعًا وإجارة، فكان على قولين؛ أحدهما: بإطلاق ولا رهن.
والثاني: جائزان والرهن صحيح، ولا خيار للبائع لحصول غرضه، وهذا يوافق ما قاله أبو الطيب، فتضافرها ولاء الأئمة مع الشافعي على ذلك يدل على صحة التخريج المذكور، لكنه يتعين معه المصير إلى أحد أمرين: إما صحة الرهن بمجرد الشرط، والأصح خلافه، وإما أن المراد أن المنافع له من الآن، حتى لا يكون زمان الإجارة مستقبلًا، والذي يتحرر في هذا أن يقال: إن شرط أن تكون المنافع رهنًا، فالشرط فاسد قطعًا، وفي البيع قولان؛ أصحهما: الفساد، وكذلك إذا شرط كون الزوائد رهنًا على الأصح، وإن شرط كون المنافع ملكًا، فإن وَقَّت، فطريقان؛ أحدهما: التخريج على الجمع بين بيع وإجارة فيصح في الأصح فيهما.
والثاني: على القولين، فيبطل في الأصح فيهما، وإن أطلق كون المنافع ملكًا من غير توقيت، فطريقان؛ أحدهما: على القولين، فيبطل فيهما في الأصح.