للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه يلزم الوفاء به إذا اتفقا عليه بعد العقد كما يلزم إذا اتفقا عليه فيه، فهو غريب لم أر من ذكره غيره. والمعروف أن الشرط إنما يكون مقارنًا للعقد أو متأخرًا عنه في زمان الخيار، فيكون ملحقًا بالموجود في العقد، هذا في البيع؛ أما الرهن فلا خيار فيه، ولعل الماوردي يقول: إن الرهن لما كان جائزًا أشبه البيع في زمن الخيار، فيلحقه الشرط. أو يقول: إن الرهن لجوازه لا يجب الوفاء به، فلا فرق بين الذي يشترطه في الرهن مقارنًا له والذي يشترطه فيه بعده في أنه بالخيار في تسليمه والمرتهن بالخيار في تسلُّمه.

نعم، إذا كان مشروطًا في بيع ولم يجر شرط العدل المعين في أصله، ثم جرى بعد العقد ينبغي ألا يثبت للمرتهن خيار في البيع عند امتناع الراهن من تسليمه لذلك العدل وإجابته إلى تسليمه لغيره، وإن أراد الماوردي بشرطه الاتفاق عليه فتسميته شرطا مجاز، وفيه إبهام.

وذكر الماوردي في هذا القسم من الشروط "أن حلول الرهن وتأجيله ليس من جائزات الرهن؛ لأن عقد الرهن يجب أن يكون بحسب الدين في حلوله وتأجيله، فإن كان حالًّا وجب أن يكون عقد الرهن حالًا فإن عقد مؤجلًا بطل، وإن كان الدين مؤجلًا وجب أن يكون عقد الرهن مؤجلًا، فإن عقده حالًّا بطل؛ لأنه لا يمكن استدامة التوثق به إلى حلول الدين" (١). وقسم الرافعي هذا القسم - أعني الذي لا يقتضيه الرهن ولا ينافيه - إلى ما يتعلق بمصلحة العقد؛ كالإشهاد وما لا يتعلق به غرض؛ كشرط ألا يأكل إلا الهريسة قال: "والحكم فيهما على ما سبق في البيع" (٢).


(١) الحاوي الكبير (٦/ ٢٤٣) بمعناه.
(٢) فتح العزيز (٤/ ١١٥، ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>