للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأولى أن يقال: إنا إذا استقرأنا الأدلة فلم نجد فيها ما يقتضي بطلان الشرط، ونظرنا في الشرط، فلم نجده يفضي إلى تحريم حلال ولا إلى تحليل حرام، فإنا إذ ذاك نحكم بصحته، وليس في حديث بريرة ما يرد ذلك لأنهم شرطوا ما دل كتاب الله على خلافه؛ ولهذا قال النبي : "قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ" (١)، فأشار إلى أن سبب البطلان مضادة حكم الله تعالى.

والشروط في الرهن على ثلاثة أقسام؛ أحدها: يوافق مقتضاه كقوله: على أن يباع في دَيْنك عند الحاجة، أو يتقدم به عند مزاحمة الغرماء، أو لا أبيعه إلا بإذنك، وما أشبه ذلك، فلا يضر التعرُّض لذلك، وهل يقول: هو صحيح مؤكد لمقتضى العقد، أو أنه لا يضر، ولا ينفع عبارة طائفة من العراقيين تقتضي الأول، وعبارة الإمام (٢) والرافعي (٣) تقتضي الثاني، وهو أمر لفظى.

القسم الثاني: لا يوافق مقتضى الرهن ولا ينافيه، بل هو من جائزاته أنه يوجبه ولا يمنعه، كشرط وضعه عند عدل يرضيانه والتوكيل في بيعه نيابة عن راهنه ومرتهنه.

قال الماوردي: "فإن شرط هذا مع العقد أو بعده صح العقد وجاز الشرط، وإن أخلَّا بتعيينه بالشرط العقد وسقط الشرط" (٤).

فأما قوله: إنه إذا شرطه معه؛ صح، فذلك لا خلاف فيه.

وأما قوله: ذلك فيما إذا شرطه بعد العقد؛ فإن أراد به حقيقة الشرط،


(١) أخرجه البخاري (٢١٦٨). وبمعناه أخرجه مسلم (٦ - ١٥٠٤).
(٢) نهاية المطلب (٦/ ٢٢٥).
(٣) فتح العزيز (٤/ ٤٦٣).
(٤) الحاوي الكبير (٦/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>