للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرعية ما يقتضي صحته؛ فهو صحيح وكل شرط وجدنا فيها ما يقتضي بطلانه؛ فهو باطل بذلك الدليل الخاص، وبهذا الدليل العام. ومن جملة ذلك أن تدل الأدلة الشرعية على أمر ذلك، الأمر ينافي مقتضي الشرط، فيبطل الشرط لهذا الدليل العام؛ ولأنه لا يمكن الجمع بين مقتضاه ومقتضى الأدلة الشرعية، فيثبت مقتضاها بأنه حق قطعًا، وينتفي هو لمضادته للحق، وما ذكره المصنف من هذا القبيل؛ لأن تسليم الرهن وبيعه في الدين وكون منفعته وولده للراهن هو الثابت شرعًا، فيبطل شرط منافيه، ولو فرض شرط واستقر أنا الأدلة الشرعية لم نجد فيها ما يدل على صحته ولا بطلانه، أو تعارض عندنا دليلان في ذلك، أو حصل الشك في ذلك، فمقتضى هذا الدليل العام بطلان الشرط المذكور، ويثبت بذلك قاعدة عامة، وهي أن كل شرط يدل دليل على صحته؛ فهو باطل، وأن الأصل في الشروط البطلان حتى يدل دليل على الصحة إما بدليل عام أو دليل خاص، فأما قوله "المُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ"، وهو حديث رواه أبو داود (١) والترمذي وقال: "حسن صحيح" (٢)، ففي حواشي السنن أن هذا في الشروط الجائزة دون الشروط الفاسدة، وهو من قبيل ما أمر فيه بالوفاء بالعقود. انتهى.

وعلى هذا لا معاوضة بينهما، وقد رويت فيه زيادة: "إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرَّم حلالا". وجرى بيني وبين الشيخ نجم الدين ابن الرفعة بحث في ذلك، بل هو مما يستدل بعمومه على صحة كل شرط حتى يقوم دليل على فساده أو لا حتى يعلم انتفاء كونه يحل حرامًا أو يحرم حلالًا، ويكون من باب التخصيص بمجمل، فإنه يوقف التمسُّك بالعامِّ حتى يتبين


(١) أبو داود (٣٥٩٤) بمعناه.
(٢) الترمذي (١٣٥٢) بمعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>