وضعهما عند عدل، وذلك في المصحف لا خلاف فيه، وأما في العبد، ففي كلام الشافعي ما يقتضي خلافًا فيه، وذلك في الرهن الصغير فإنه قال:"ولا بأس أن يرهن المسلم عند المشرك، والمشرك عند المسلم كل شيء ما خلا المصحف والرقيق من المسلمين، فإنا نكره أن يصير المسلم تحت يدي المشرك بسبب يشبه الرق والرهن، وإن لم يكن رقًّا، فإن الرقيق لا يمتنع إلا قليلًا الذل لمن صار تحت يده بتصيير مالكه.
قال الشافعي: "ولو رهن العبد لم نفسخه ولكنا نكرهه لما وصفنا، ولو قال قائل: أخذ الراهن بافتكاكه حتى يوفَّى المرتهن المشرك حقه متطوعًا أو يصير في يديه بما يجوز له ارتهانه، فإن لم يتراضيا فسخت البيع كان مذهبًا، فأما ما سواهم، فلا بأس برهنه من المشركين، وإن رهن المصحف قلنا: إن رضيت أن ترد المصحف، ويكون حقك عليه، فذلك لك أو يتراضيان على ما سوى المصحف ممَّا يجوز أن يكون في يديك، وإن لم تتراضيا فسخنا البيع بينكما؛ لأن القرآن أعظم أن يترك في يدي مشرك نقدر على إخراجه من يديه، وقد نهى رسول الله ﷺ أن يمسه من المسلمين إلا طاهر، ونهى أن يسافر به إلى بلاد العدو" (١). انتهى.
وهو ظاهر فيما قلناه من القطع بأن المصحف ينزع منه، والتردد في العبد، وينبغي أن يكون محله في العبد الكبير، فإن الصغير قد يفتنه، وحيث ثبت الخلاف في الكبير، فالأصح انتزاعه منه، كما قاله في "مختصر المزني"، وجرى عليه الأصحاب، ويوضع عند عدل كالمصحف، وهل نقول فيه وفي المصحف: إن الكافر يتسلمهما ليلزم الرهن، ثم ينتزع منه، فيوضع عند عدل أو لا يمكن من ذلك، بل يوضع عند العدل من الأول.