للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلا شرط بعد الصلاح، فهل يجاب إليه، أو عليه أن يصبر إلى أوان الجداد مقتضى ما قدمناه في أثناء كلام البغوي أن يكون فيه وجهان؛ أحدهما: يصير لاقتضاء العادة لذلك فعلى هذا يفسد الرهن إذا لم يشرط القطع عند المحل. والثاني: يجاب فَعَلى هذا يصح الإطلاق، وهذا الذي ينبغي أن يكون أصح، فإن تأخير الحق بعد الحلول مع إمكان البيع لترقب مصلحة للراهن محتملة لجائحة لا معنى له ولو لزم ذلك للزم في الحال، وليت شعري إذا قال البغوي والرافعي: إنه تكلف الصبر إلى وقت الجداد، هل يقولان له: المطالبة بالدين من سائر أموال الراهن، أم يتعين عليه الصبر إلى الجداد، فإن قالا بهذا فهو بديع، وقد يكون حال المرتهن حينئذٍ بالرهن أسوأ مما لو كان بلا رهن، ولعلهما يقولان له: أن يطالب الراهن؛ إما بقضاء دينه من جهة أخرى، وإما ببيع الثمرة، فإن لم يكن مال تعين الصبر بخلاف ما بعد الجداد، فإنها تباع، هذا أقرب إلى قاعدتهما، ولم أر في كلام الأصحاب ما يساعدهما على ذلك، والأسبق إلى الفهم من إطلاقهم خلافه.

وقد صرح ابن الصباغ عندما نقل القول الثالث أن شرط القطع عند المحل جاز، وإن أطلق لم يصح؛ لأن إطلاقه يقتضي البقاء إلى الجداد.

قال: وهذا ليس بصحيح؛ لأن وجوب بيعه بحلول الدين يمنع من بقائه إلى أوان الجداد. انتهى.

وهذا تصريح من ابن الصباغ بما قلته من وُجوب البيع، وعدم تكليف المرتهن الصبر، وهذا لا شك فيه، ثم قال البغوي (١) والرافعي (٢): "إنه إذا أراد أحدهما قطع الثمرة قبل أوان الجداد فللآخر أن يمتنع عنه" حالًّا كان الدين أو مؤجلًا، أما البيع فلم يتعرض له هنا وقد قدمنا ما فيه.


(١) التهذيب (٤/ ٥٠).
(٢) فتح العزيز (٤/ ٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>