ونصه الذي حكيته هنا مانع إلا بشرط القطع عند المحل، ومحل الحال الآن، فالنصان متضافران على منع الإطلاق، وكون الرهن بالحال قرينة في شرط القطع يمكن أن ينازع فيه؛ لأنه ليس معنا إلا استحقاق المرتهن المطالبة ولا يزيد ذلك على استحقاق المشتري، فكما أن مشتري الثمرة قبل الصلاح لا يكفي استحقاقه لقطعها عن الاشتراط كذلك هذا ورب صاحب دين حال يصبر عن تقاضيه، فكيف إذا دعته مصلحة نمو الرهن، ولو سُلِّم أن الرهن والحلول يقتضي القطع فالعادة المقتضية للإبقاء تعارضه، وإذا تعارضا لم يكن دليل على القطع.
نعم، يجري الخلاف من جهة أن اشتراط القطع في البيع؛ لئلا يأكل مال أخيه بالباطل إذا تلفت الثمرة بجائحة، كما أشار إليه الحديث، وهذا المعنى مفقود في الرهن، فمن أجاز رهنها نظر إلى هذا المعنى، ومن منعه ألحقه بالبيع، وهو مقتضى النص.
المرتبة الثانية: رهنها بدين مؤجل يحل مع بلوغ الثمار وقت الإدراك أو بعده، وهو كما لو كان الدين حالًا، كذا قاله الماوردي والرافعي وغيرهما، ففيها ما سبق من القولين، وتصحيح القول بالجواز من غير شرط القطع عند من صححه هناك، ولفظه في "مختصر البويطي": وما جاز بيعه جاز رهنه وما لم يحل بيعه لم يحل رهنه، مثل الثمرة التي لم يبد صلاحها، والزرع الذي لم يشتد حبه، واللبن في الضرع، وما أشبهه، وكذا لو كان حقه إلى وقت تطيب فيه، ويشتد فيه الزرع لم يجز من قبل أن الرجل يموت ويفلس، فيحتاج إلى بيعه فلا يقدر عليه. انتهى.
وهذا النص قوي في أنه لا يجوز في هذه المرتبة وناطق بالتعليل باحتمال الموت، يعني: فيحل الأجل قبل بدو الصلاح، وهو يقتضي المنع في حالة