للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتسارع إليه الفساد بالدين الحال جائز، وإذا شرط بيعها بشرط القطع كفى، وينبغي حينئذ ألا يجوز القطع ما لم يتفقا عليه، بل تباع كذلك بشرط القطع، وحينئذ يطالب البائع المشتري بقطعها إن شاء، وما قاله الماوردي إنما يأتي إذا شرط قطعها، وبهذا يتبين أن ذكر الرافعي كذا في البيع مع القطع ليس بشرط، ويجوز أن رهنها مطلقًا جائز على الأصح، ويستحق قطعها أو بيعها بشرط القطع ورهنها بشرط القطع أو بشرط البيع بشرط القطع جائز قطعًا، وإذا صححنا عند الإطلاق، فهل المستحق أحد الأمرين أو القطع عينًا ظاهر كلامهم الثاني؛ لأنهم نزلوه على القطع ويمكن أن يقال: إن المستحق بيعها بشرط القطع، ويظهر أثر هذا لو تنازع الراهن والمرتهن فدعا أحدهما إلى بيعها على الشجر بشرط القطع، وطلب الآخر القطع، ثم البيع مَن يجاب؟! ولم أر للأصحاب تصريحًا فيها، وينبغي أن يجاب من طلب البيع بشرط القطع؛ لأنه يكفي في تصحيح الرهن وحق المرتهن ونفس القطع لم يدل عليه دليل، وقطع الشيخ أبو محمد بصحة رهن ما لم يبد صلاحه بالدين الحال. قال الإمام: "ولا وجه عندي إلا ما ذُكر، فإنه إذا رهن ما يفسد من ساعته بالدين الحالِّ صح، فما المانع من تصحيح الرهن فيما لم يبد صلاحه" قال: "والذي ينقدح فيه لمن يخرج القولين يعارض أصلين؛ أحدهما: أن ما يفسد يباع ويوضع رهنًا. والأصل الثاني: أن العادة مطردة بتبقية الثمار" (١).

قلت: وكلام الشافعي المتقدم يشير إلى هذا الأصل الثاني، ولم أر أحدًا قطع بأنه لا يصح رهنها بالدين الحالِّ مع الإطلاق ولو قال به قائل لكان له متمسك من نص الشافعي؛ لأن نصه المنقول عن التفليس مانع من ذلك،


(١) انظر: نهاية المطلب (٦/ ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>