للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحلف يمينًا واحدة أو يحتاج [ … ] (١) يمينين.

فقوله: "يجوز" يدل على عدم التحتم، وهذا هو الظاهر، ألا ترى أنهم عللوا ذلك بأنه أقرب إلى فصل القضاء وسلوك الطريق الأبعد في فصل القضاء غير قادح في صحة اليمين، وفي عبارة الماوردي ما يشعر بخلاف ذلك، فإنه علل بأنه: "يقصد بيمينه تصديق قوله: على عقد واحد، فاحتاج إلى يمين واحدة" (٢).

وقال الغزالي في "البسيط" في اتحاد (٣) اليمين أنه المنصوص عليه على جزم، والظاهر أن الغزالي لم يرد بذلك التحتم، وإنما أراد عدم التردد فيه، وتبيننا مما قلناه أنه يجوز أن يحلف بيمينين.

ومما قاله الشيخ أبو محمد وصححه الرافعي (٤) وغيره تفريعًا على تعدد اليمين من الاكتفاء باليمينين على النفي أن ذلك عند الرافعي مطلقًا، وإن قلنا باليمين الواحد لما قدمناه من تجويز اليمينين حينئذٍ لا يكون الجمع بين النفي والإثبات واجبًا.

وقد تقدم عن الشيخ أبي حامد أنه لا خلاف في وجوبه، فانظر هذا الذي قاله الشيخ أبو محمد، والذي تضمنه هذا الفرع، وما لزم منهما بيميني النفي، ولعمري أنه أقرب إلى القياس، ولكنه مخالف للمعروف في المذهب، وكنا احتملنا تصحيح الرافعي وغيره؛ لما قاله الشيخ أبو محمد؛ تفريعًا عى القول الضعيف.

وأما على المذهب، فلا تنقاد النفس إليه، وقد علمت كيف آل الأمر إليه، إلَّا أن تكون اليمين الواحدة متحتمة، فحينئذٍ لا مساغ له على المذهب، ويسلم ما صححه الرافعي عن هذا الإشكال.


(١) بياض قدر كلمة.
(٢) نهاية المطلب (٥/ ٣٠١).
(٣) في المخطوطة: "التحاد".
(٤) فتح العزيز (٩/ ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>