للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا رجوع في التدبير، هذا نص قوله. قال المزني: فقد أبطل تدبيره بغير إخراج له من ملكه، كما لو أوصى برقبته وإذا رهنه فقد أوجب للمرتهن حقًّا فيه فهو أولى برقبته منه وليس لسيده بيعه للحق الذي عقده فيه، فكيف يبطل التدبير بقوله: إن أدى كذا، فهو حر، أو يهبه ولم يقبضه الموهوب له حتى رجع في هبته وملكه فيه بحاله ولا حق فيه لغيره ولا يبطل تدبيره بأن يخرجه من يده إلى مَن هو أحق برقبته منه وبيعه وقبض ثمنه في دينه ومنع سيده من بيعه، فهذا أقيس لقوله، وقد شرحت ذلك في كتاب المدبر، فتفهموه".

وأجاب الأصحاب - منهم الماوردي (١) وغيره - عما ذكره المزني. أما قول الشافعي: لو قال لمدبره: إن أديت كذا بعد موتي، فأنت حر، إنه رجوع في التدبير فإنه قال ذلك على القول بأن التدبير وصية، أما على أنه عتق بصفة، فلا يختلف أصحابنا أنه ليس برجوع (٢).

وأما قوله: ولو وهب المدبر ولم يقبضه أنه رجوع، فاختلف أصحابنا في هذه المسألة على وجهين؛ أحدهما: أن الهبة قبل القبض رجوع على القول بأن التدبير وصية، فأما على القول بأنه عتق بصفة، فلا يكون رجوعًا.

والثاني: وهو قول ابن أبي هريرة أنه رجوع في التدبير على القولين (٣)، فعلى هذا الفرق بينها، وبين الرهن أن الهبة تزيل الملك بعد القبض، وهي أحد سببيه قبل القبض بخلاف الرهن وأما اختيار المزني أن الرهن مبطل للتدبير، كالوصية.

فالجواب: إما على القول بأنه عتق بصفة، فلا يكون الرهن رجوعًا عن


(١) الحاوي الكبير (٦/ ١٠٦).
(٢) انظر: اللباب في الفقه الشافعي (ص ٤١٧)، وبحر المذهب (٥/ ٢٤٣)، والتهذيب (٤/ ٢٥).
(٣) انظر: الحاوي الكبير (٦/ ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>