فإن قلنا: إنه يجري مجرى الوصية صح الرهن، ويكون رجوعًا، كما لو وصى به، ثم رهنه وأقبضه، فإنه يكون رجوعًا على المشهور.
وفيه وجه: أنه لا يكون رجوعًا في الوصية، وقد نقله ابن داود هنا عن صاحب "التقريب" في الوصية، وفيما نحن فيه، وصَرَّح بأنه يصح الرهن، ولا يكون رجوعًا.
وإن قلنا: إنه يجري مجرى التعليق، فهو كما لو علق عتقه بصفة تحتمل التقدم والتأخر، ثم رهنه، وقد تقدم أن الأصح أنه لا يصح، فما ذكره المصنف وغيره من البناء جاز على الصحيح في الطرفين، وليس لك أن تقول: هذا يدل على أن القولين مطلقًا من غير بناء ولا ترتيب؛ وذلك لأن القول بكون الرهن يصح، وليس رجوعًا ليس عن الشافعي، وإنما هو وجه، بل طريقة البناء خارجة من قطع الجمهور بفساد رهن المعلق عتقه بصفة، وطريقة الترتيب خارجة من إثبات القولين فيه، فيقال: هكذا إن كان التدبير وصية، صح رهن المُدَبَّر، وإلا فقولان، ومن هذا يُعْلم أن القول بعدم صحة الرهن مأخذه أن التدبير تعليق، وأن المعلق بصفة لا يصح رهنه، وكلاهما أصل مقرر، والقول بصحة الرهن مأخذه إما أن التدبير وصية، وهو قول مرجوح، وأما أن المعلق بصفة يصح رهنه. وهو ضعيف، وما رآه صاحب "التقريب" من صحة الرهن على الوصية لا نظر إليه؛ لأنا إنما نتكلم في أقوال الشافعي، وإذا قلنا بالصحة على أحد القولين، وإن مأخذه كون التدبير وصية بطل التدبير، وإن جعلنا مأخذه كون المعلق عتقه يصح رهنه لم يبطل على ما سبق في المعلق عتقه، وإن قطعنا بالصحة على الطريقة الثانية، فقد نقل الروياني عليها ثلاثة أوجه (١): سيتعرض المصنف لبعضها، أحدها: