للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية القاطعة بالجواز (١)، وليس كما قال، بل هي أضعف الطرق، وكان الحاصل له على تصحيحها قول الغزالي: "ذهب أكثر الأصحاب إلى صحة الرهن" (٢)، وكلام الغزالي هذا منقود معترض، وإنما حمله على ذلك قول إمامه: إنه ليس ينقدح له توجيه بطلان الرهن، ونسبته إياه إلى بعض الأصحاب واختياره الصحة، والقطع بها، وأكثر الأصحاب مطبقون على البطلان؛ إما قطعًا وإما ترجيحًا.

وقد انتقد النووي كلام الغزالي وقال: "ولا تغترّ بقوله في "الوسيط"، وذهب أكثر الأصحاب إلى صحة رهنه، وإن كان قويًّا في الدليل" (٣).

وابن الصباغ قال: إن القطع به مخالف للقياس، وسنبين ذلك إن شاء الله تعالى، وطريقة القولين نسبها جماعة إلى ابن سريج، وأبي إسحاق، وصاحب "التلخيص"، وقد تقدم أن ابن سريج وأبا إسحاق حكياها، فلعلهما مع ذلك اختاراها، وعلى كل حال هي الصحة عند الماوردي، والروياني، وأقرب إلى القياس عند ابن الصباغ والرافعي، وأصح القولين: أنه لا يصح الرهن، وهما مبنيان عند الأكثرين، ومرتبان عند قوم على أن التدبير وصية أو تعليق عتق بصفة، وفيه قولان؛ أحدهما وهو قوله في القديم وبعض الجديد على ما حكاه الماوردي (٤): أنه وصية يصح الرجوع فيه بالقول والفعل مع بقائه في الملك، وخروجه.

والثاني وهو قوله في الجديد: أنه يجري مجرى التعليق والعتق بالصفات، فلا يرجع فيه مع بقائه على ملكه، وهذا هو الصحيح.


(١) الانتصار (من بداية كتاب البيع إلى نهاية كتاب الشفعة) (ص ٤٠٢).
(٢) الوسيط في المذهب (٣/ ٤٦٨).
(٣) روضة الطالبين (٤/ ٤٧).
(٤) الحاوي الكبير (٦/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>