للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحل الثاني.

قال الإمام: "وأخذ العلماء هذا الخلاف من رهن ما يفسد قبل الأجل، ووجه الأخذ منه أن الرهن فيما يفسد تضمن نقل الوثيقة إلى عوض المرهون بتقدير البيع، فقالوا: إذا كنا نجوِّز ذلك، فلا يمنع من نقل الحق؛ اختيارًا من محلٍّ إلى محلٍّ. قال: وهذا عندي غير سديد، فإن بيع ما يفسد مستحق شرعًا، وإقامة الأثمان والقيم مقام الأصول قاعدة ممهدة في الشريعة.

فأما نقل حقٍّ مستقرٍّ من محل إلى محل ليس له أصل من غير حاجة ولا ضرورة، وليس النقل والرضا مشعرًا بالفسخ والإعادة على التحقيق، وليس كما لو قال لمالك عبدٍ: أعتق عبدك عني، فإن هذا من ضرورته تقدير نقل الملك ضمنًا لاستدعاء العتق.

وأما نقل الوثيقة، فمبنيٌّ على اعتقاد بقاء الرهن الأول مع نقل موجبه، وعلى هذا يجري انتقال الوثيقة من المثمن إلى الثمن، فالوجه إفساد نقل الرهن من عين إلى عين" (١). انتهى.

ولا مزيد على حسنه؛ ولذلك كان الأصح أنه لا يصح نقل الوثيقة.

وقال الأرغياني في "فتاويه": لو كانت العين مما لا يتسارع إليها الفساد، فقال: نقلت الرهن أو حقك من هذا العبد إلى هذا الثوب، وأراد به فسخًا وإعادة صح، وإلا، فحق الرهن لا يقبل النقل. انتهى.

وهذا تفصيل حسن، ومادته من "النهاية"، ويجب اعتماده ومحل الخلاف في الثاني والأول لا يأتي فيه خلاف، وقد نص الشافعي على أنهما إذا اتفقا على فسخ الرهن وجعله في عين أخرى جاز، وهو شاهدٌ للقسم الأول الذي ذكره الأرغياني.


(١) نهاية المطلب (٦/ ١٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>