للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد حكى هو في "كتاب السِّير" في المساكن والدور التي في حد السواد على القول بأن الأرض موقوفة وجهين؛ أحدهما: أنها كالمزارع.

وأظهرهما: وهو الذي أورده الروياني في "جمع الجوامع" المنع؛ لأنه لم يكره أحد شرائها وسكناها؛ ولأن وقفها يفضي إلى خرابها وهذا هو الذي حكيناه فيما سبق عن أبي عبيد، فعلى هذا إذًا رهن تلك الأبنية يصح، وإن كانت الأبنية والأشجار أحدثت فيها من غيرها جاز رهنها قطعًا فإن رهنت مع الأرض، فهي من صور تفريق الصفقة.

وقد نص الشافعي هنا على أنها تفرق وهو الأصح عند الجمهور، وإن كان الأصح عند الربيع خلافه، وإن رهن الأرض مطلقًا.

وقلنا: البناء والغراس يدخلان، فكذلك على ما قال الرافعي يعني: يبطل في الأرض، وفي البناء والغراس قولَا تفريق الصفقة وهذا فيه نظر؛ لأن البناء والغراس في هذه الحالة إنما يدخل تبعًا للأرض فإذا بطل في الأرض ينبغي أن يبطل في التابع لها سواء قلنا بالتفريق أم لا، لأن التابع لا يفرد والذي قاله الرافعي نص عليه الشافعي، فإنه قال فيما حكاه المزني (١) والربيع (٢): "ولو رهنه أرضًا من أرض الخراج، فالرهن مفسوخ؛ لأنها غير مملوكة، وإن كان فيها غراس أو بناء للراهن فهو رهن". انتهى.

وإطلاق هذا يقتضي ذلك، ويقتضي أن البناء والغراس يدخلان في مطلق رهن الأرض والمعروف من النص خلافه، فإن حمل على أنه رهنه الأرض بما فيها استقام ولم يبق فيه مساعدة للرافعي، والكلام في استتباع الأرض البناء والشجر مذكور في البيع، وسيأتي في الباب الذي بعد هذا أيضًا إن


(١) مختصر المزني (٨/ ١٩٣).
(٢) الأم (٣/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>