انتقالها عنهم، وسواء قلنا: هي للقائمين أو لأهل الصلح، فهي الآن في يد بيت المال فيحمل الأمر على أنها انتقلت عنهم بطريق صحيح، ويحصل فيها قولان للعلماء؛ أحدهما: أنها وقف، وهو مذهب مالك.
والثاني: أنها ملك للمسلمين عمومًا وهو المناسب لقواعد الشافعي، وإن لم أجده منصوصًا عليه، ولا عن أصحابه، وعلى هذا يجوز للإمام بيعها حيث يجوز بيع أرض اليتيم وذلك لضرورة أو غبطة ومن كان في يده شيء منها جاز له التصرف فيه، كسائر ما في يده.
وأما الشام، فإنها فتحت صلحًا.
قال الجوري من أصحابنا: أرض الخراج على ضربين: ضرب صالح الإمام أهلها على أن يكون لهم الأرض ويؤدوا كل سنة خراجًا معلومًا؛ كأرض الشام وهذا الضرب يجوز بيعه ورهنه، والضرب الآخر: أرض فتحها المسلمون عنوة، فملكها الغانمون لها، فاستطاب الإمام قلوب الموجفين بعوض أعطاهم أو غير عوض، فجعلها وقفًا على المسلمين، ودفعها إلى أقوام بكراء في كل سنة، فهذا الضرب لا يملك، ولا يجوز رهنه ولا بيعه، وهو الذي أراده الشافعي، وهو أرض السواد، وهو قول مالك، وقول أهل العراق يجوز بيعها وهي مملوكة. انتهى كلام الجوري إذا ثبت ذلك، فكل أرض ثبت لها حكم سواد العراق، فهي عند الشافعي وقف، لا يجوز رهنها كسائر الموقوف، وأبنيتها وأشجارها إن كانت من تربتها وغروسها التي كانت قبل الوقف.
قال الرافعي:"فهي كالأرض"(١)، وهذا فيما يستحدث من عين الوقف صحيح، أما الأبنية التي كانت فيها حين الوقف.