للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سرعة القضاء (١).

قلت: وهو الذي أورده الصيمري شيخ الماوردي في "شرح الكفاية"، وهو بناء على أن الاستثناء من النفي إثبات، وهو مذهبنا ومذهب الجمهور، وحينئذ تكون هذه العبارة قد أدت معنى النفي والإثبات جميعًا بكلام واحد، وهو حسن، ويسلم معه من تمحيص (٢) الحلف على الإثبات بغير نكول، وقد حكيت فيما تقدم عن نصه في السَّلم قوله: "أُحلفَ البائع بالله مَا باعه بالمائة التي قبض منه إلَّا مائة صَاع" (٣).

وهذا يشهد لما قاله صاحب هذا الوجه، لكنه في نفيه النص المذكور قال: قيل للمشتري: "احلف ما ابتعتَ منه مائة صاع، ولقد كان بيعك مائتي صاع" (٤)، وإذا جمعنا بين الكلام جوَّزنا الأمرين أن يأتي بالنفي والإثبات صريحين، وتقدم النفي كما قاله الأصحاب، أو يأتي بهما على صيغة الحصر، كما قاله صاحب هذا الوجه، والظاهر أن صاحب هذا الوجه لا يمنع من الإثبات بهما صريحين، فهو حينئذ موافق للنص الذي حكينا عن السلم.

وأما الأصحاب؛ فيحتمل: أن يجوزوا صيغة الحصر، كما قلنا: إن النص يقتضيه وليس في كلامهم تصريح بذلك، ولا رده لكن الأقرب إلى الفهم من كلامهم أنهم لا يكتفون بذلك؛ ولعل ذلك لأن صيغة الحصر ليست صريحة في الإثبات، وفي إفادتها له كلام هل هو بالمنطوق أو بالمفهوم، ومثل ذلك لا يُكتفى به في اليمين، ويحمل النص على أن المراد


(١) الحاوي الكبير (٥/ ٣٠٢).
(٢) الأم (٣/ ١٣٨).
(٣) الأم (٣/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>