للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وأنه قال في كتاب الهبات: إذا وهب له وديعة في يده، وقبلها الموهوب فأتت عليه مدة القبض، فقد تم قبضها" كذا نقله الماوردي (١) والذي تقدم نقله عن الإقرار والمواهب يقتضي عدم اعتبار الزمان إلا أن يكون سقط منه ذكر الزمان الذي نقله الماوردي، وعلى الجملة فالأكثرون قطعوا باعتباره ونقلوا عن حرملة أنه لا حاجة إلى مضي الزمان (٢) والشيخ أبو حامد وغيره ذكروا أن ذلك من عند حرملة وعدوا ذلك من خلافه وردوا عليه، وكلام المصنف قد يقتضي أن الشافعي قاله في حرملة وكذلك كلام صاحب "التتمة" فإنه قال: "حكى حرملة، فإن صح ما قاله الأولون فالوجه في تأويل كلام المصنف أن يجعل الضمير في "قال" لحرملة، كما يقول: قال في "التنبيه أي: صاحبه وهي عبارة سائغة".

وحرملة هو حرملة بن يحيى التجيبي صاحب الشافعي مصري، عالم صنَّف كتابًا يروي فيه عن الشافعي، وربما كان فيه شيء من رأيه، كما فعل المزني في "المختصر" وسمي الكتاب "حرملة" باسم صاحبه، كدأب كثير من الكتب التي لا اسم لها، فيجوز أن تقول: قال حرملة في ملة في "كتابه"، وقال الشافعي في "حرملة"، أي: في "كتاب حرملة".

وإذا قلت: قال في "حرملة"، فظاهره أن القائل الشافعي، ويحتمل حرملة بالتأويل الذي ذكرناه.

وقال الإمام: "إن العراقيين حكوا عن حرملة أنه إذا لم يشترط الإذن لا يشترط مضي مدة، وإن ظاهر قولهم أنه يوافق الأصحاب على قول اشتراط الإذن ويعتبر مضي الزمان" (٣)، ثم أخذ الإمام في آخر كلامه يبدي له وجهًا


(١) الحاوي الكبير (٦/ ٣٣).
(٢) انظر: نهاية المطلب (٦/ ٩٢).
(٣) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>