للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع

في كلام المصنف إشارة إلى أن الرهن قبل القبض صحيح، وإن كان غير لازم، وهذا لا شكَّ فيه إلا أن الإمام عند الكلام في موت الراهن قبل القبض قال: "إنه يبطل الرهن على رأي هو المنصوص" (١)، والذي تحقق القول ببطلانه أن القبض فيما يشترط فيه القبض يقع موقع أحد جوابي البيع وغيره، فإنه رُكْنٌ في تحصيل مقصود العقد، فهذا الكلام من الإمام يقتضي أن القبض على هذا القول ركن في الصحة، فلا يوصف قبله بالصحة؛ ولذلك أطلق الغزالي اسم الركن عليه (٢)؛ ولذلك الماوردي في تقرير اشتراط القبض، اقتضى كلامه: أنه شرط في الصحة (٣)، بل في كلام الشافعي ما يشعر بذلك، فإنه قال في "المختصر" (٤): ولا معنى للرهن حتى يكون مقبوضًا، والتمسك بظاهر هذه العبارة يقتضي أنه لا يحكم عليه بالصحة، والمشهور: خلاف ذلك، وأن القبض ركن في اللزوم لا في الصحة؛ وعلى ذلك يُتَأَوَّل كلام الغزالي، وهذا البحث هنا وفي الهبة يقتضي الصرف، وكل ما يشترط فيه القبض، إلا أن في الهبة والرهن لا معنى للحكم بالصحة بدون اللزوم والملك، وفي الصرف يظهر ذلك لحصول الملك، فهو مُتَرتِّب على الصحة، ومعظم آثارها، وإن تأخر اللزوم، وجعل الكاساني من الحنفية قياس قول زفر، وفي أن قبض الهبة ركن فيها، يعني: في صحتها عند من لا يقول بحنثه؛ إذا حلف لا يهب، فوهب ولم يقبض، ونحن نوافقه في عدم الحنث على أحد الوجهين، ولكن لأنه قبل القبض لما


(١) نهاية المطلب (٦/ ٧٩)، قال: "وحكى بعض أصحابنا نصًّا … ".
(٢) الوسيط في المذهب (٣/ ٤٧٠).
(٣) الحاوي الكبير (٦/ ٧).
(٤) (٨/ ١٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>