للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: لازم من جهة المرأة جائز من جهة الزوج، عدنا إلى الرهن، أما كونه لا يلزم من جهة المرتهن، فلا خلاف فيه، فيجوز فسخه متى شاء لما ذكره المصنف.

قال الشافعي في "الأم": "لو قال المرتهن بعد القبض: فسخت الرهن انفسخ" (١). انتهى. وتعليل المصنف جيد، وإذا جاز للمكاتب فسخ الكتابة وللسيد حظ فيها، والمرتهن ولا حظ للراهن أولى، وقاسه الأصحاب أيضًا على صاحب الدين، له أن يبرئ وفيه نظر لأن الإبراء تصرف في الدين الثابت، فلا فسخ، وقياسه في الرهن أن يقال للمرتهن: قطع حقه وإبطاله، ولا نسميه فسخًا، ولا يتحقق معه معنى الجواز، وتحرير الفرق بين المعنيين في هذا الباب لا طائل تحته، وإن ظهر أثره في الطلاق وغيره، وعلى مساق قياسهم على الإبراء فرقوا بينه وبين إسقاط الأجل لا يصحُّ على أحد الوجهين، بأن الأجل لا يتصور ثبوته بعد ثبوت الدين، فلا ينفرد عنه في السقوط، والرهن بعد ثبوت الدين، جائز على الانفراد، فيجوز إسقاطه على الانفراد، ولو أسقط المضمون له الضمان، فلا شك في سقوطه، ولكن هل هو فسخ أو بمنزلة الإبراء، فيه نظر، والأقرب الثاني، وعلة المصنف موجودة فيه؛ لأنه لا حظ للضامن فيه.

وقوله: "وأما من جهة الراهن … " إلى آخره، ففيه حكمان؛ أحدهما: أنه بعد القبض لازم وهذا لا خلاف فيه، وسيأتي ما يتعلق به الثاني أنه قبل القبض لا يلزم، وبه قال أبو حنيفة (٢) وأحمد.

وقال أبو ثور ومالك (٣): يلزم بالعقد ويجري على الإقباض، وكذلك


(١) الأم (٣/ ١٤٦).
(٢) انظر: البيان (٦/ ١٣).
(٣) انظر المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>