للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الضمان، فسيأتي أن الرهن ليس بمضمون، هكذا حرر الشيخ أبو حامد الخلاف معهم في هذين الفصلين، وأن المال عندهم مأخوذ بسوم الرهن، ثم يصير رهنًا، والرافعي حكى مذهب أبي حنيفة بجواز الرهن قبل ثبوت الدين، وأن ابن كج حكى وجهًا مثله، ثم قال: "وعلى المذهب لو ارتهن قبل ثبوت الحق وقبضه، كان مأخوذًا على جهة سوم الرهن، فإذا استقرض أو اشترى لم يصر رهنًا إلا بعقد جديد، نص عليه الشيخ أبو حامد وغيره. وفيه وجه: أنه يصير رهنًا" (١). انتهى.

وقد علمت بنقل الشيخ أبي حامد أن هذا الوجه هو مذهب أبي حنيفة وإنما يستقيم ذكره هنا لو كان الوجه الذي قدمه عن ابن كج أنه يصير رهنًا الآن قبل ثبوت الدين، وحينئذٍ في المسألة أربعة أوجه، أصحها: بطلانه.

والثاني: صحته بعد ثبوت الدين.

والثالث: موقوف.

والرابع: صحته الآن، ولكن هذا الرابع لم يتحقق، وكيف يقال: إنه الآن رهن ولا دين، والرهن إنما يعقل بدين، ورأيت من الحنفية مَن يعترف بأنه رهن عندهم الآن؛ ولذلك إذا تلف يضمن بالدين الموعود به، فإن كان الدين لا يزيد على قيمته ضمنها، وإلا ضمن (٢) مقدار الدين، وهذا يتفق مع ما حكاه الشيخ أبو حامد عنهم في الأحكام، ويختلفان في الحقيقة، ولكل منهما وجه هل نقول: إن الرهن انعقد الآن، أو لم ينعقد، ولكن تترتب أحكامه، فإذا وجد الدين انعقد فالذي حكاه أبو حامد الثاني، والمتبادر إلى الذهن عنهم الأول، ويظهر أنه الذي اعتمده الرافعي، وبنى عليه، وأن


(١) فتح العزيز (٤/ ٤٥٨).
(٢) كرر في المخطوطة لفظ: "ضمن".

<<  <  ج: ص:  >  >>