للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال:

وأما شرطه قبل العقد فلا يصح؛ لأن الرهن تابع للدَّيْن، فلا يجوز شرطه قبله.

لا يجوز الرهن بالدَّيْن قبل ثبوته لما ذكره المصنف، وقاسوه على الشهادة؛ لأن كلًّا منهما وثيقة حق، فلا يقدم عليه. واستدلوا أيضًا بأن تعليق الرهن لا يصح، وبأن ما يداينه فيء بأي حال مجهول القدر، والرهن في المجهول لا يصح؛ قاله الماوردي، وبهذا قال أحمد.

وقال أبو حنيفة، ومالك: "يجوز الرهن بالدين قبل ثبوته" (١)، وحكاه ابن كج وجهًا عن بعض الأصحاب إذا عين ما يستقرضه، ومنهم مَن قال: لو تراهنا بالثمن، ثم لم يتفرقا حتى تبايعا؛ صح الرهن إلحاقًا للحاصل في المجلس بالمقترن بالإيجاب والقبول (٢)، ومفهوم الآية يرد على الوجهين؛ لأنها إنما دلت على الرهن بعد المعاملة، وحكى الإمام قولًا قديمًا بصحة ضمان ما لم يجز سبب وجوبه، ولم يحكوه في الرهن، فإن لم يطرد فيه، فالضمان على هذا القول أوسع بابًا من الرهن، ولا خلاف أنه لو قال: إن أقرضتني ألفًا؛ فهذا رهن لم يصح، وكذا إن أقرضت فلانًا ألفًا، فأنا ضامنها، لا يصح قولًا واحدًا؛ للتعليق. قاله الجوري وغيره.

واعلم أن أبا حنيفة لا يقول بأنه يصير رهنًا الآن، ولكن الفائدة عنده أنه يصير الآن مضمونًا، وإذا وجد الدين صار رهنًا بغير عقد جديد. وعندنا لا يصير رهنًا إلا بعقد جديد.


(١) انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (٦/ ١٢).
(٢) فتح العزيز (٤/ ٤٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>