للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها تعطي حكم السلم، فكيف إذا أتى بلفظ الإلزام وهو أعم منها ومن السلم، والظاهر أنه إنما أراد المعنى الأول؛ لأنه جعل العمل معقودًا عليه، وقابله بما إذا كان العمل في الذمة، وحينئذٍ يكون امتناع الرهن في هذا القسم مما لا خلاف فيه.

وقوله: "وإن كان على عمل في الذمة … إلى آخره" هو المشهور.

وقال الماوردي: "إن لم يكن الآخر قبض الأجرة لم يصح الرهن؛ لأن العمل قبل دفع الأجرة غير مستحق، وإن قبضها فوجهان: وجه المنع أن العمل لا يستوفي من الرهن، ووجه الجواز وهو الأصح عند الروياني (١) وغيره أن قيمته تستوفي ويستأجر بها" (٢).

وقول الماوردي: "أنه لا يجوز قبل قبض الأجرة" ضعيف؛ لأن غايته أن يكون كثمن المبيع في زمن الخيار، أو كالمسلم فيه قبل قبض رأس المال، وهو بناه على أن قبض الأجرة واجب في السلم، وهو صحيح إذا جعلناه سلمًا إلا أن ذلك لا ينافي الرهن؛ لأنه دين ثابت يؤول إلى اللزوم.

نعم، يأتي فيه الخلاف الذي في الثمن في مدة الخيار.

إذا قلنا بعدم انتقال الملك، فإن قلت: إذا حملت قول المصنف الأول على إجارة العين، فما وجه ما ذكره على أنه لم يذكر الرهن على منفعة العين.

قلت: العمل وإن كان معينًا واجب على الأجير وجوب الديون يتعاطاه بنفسه، فهو شبيه بالدين، فلذلك ذكره، وأما العين، فالعقد وارد عليها، وإنما يجب تسليمها، والمستأجر هو الذي يستوفي منفعتها، فهي أشبه


(١) بحر المذهب (٥/ ١٨٩).
(٢) الحاوي الكبير (٦/ ٢٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>