للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسلم، وحكمها حكم السلم، إلا إذا عُقِدَتْ بلفظ الإجارة على أحد الوجهين، ويجوز الرهن بها؛ لأنها دين كسائر الديون، ويباع المرهون عند الحاجة، وتحصل المنفعة من ثمنه، واستغنى المصنف عن ذكرها هنا؛ لأنه ذكر الرهن بدين السلم، وهي داخلة فيه إلا على وجه الناظر للفظها إذا وردت بلفظ الإجارة، والمصنف لا يختاره، ولا يجوز للمستأجر هنا إيجارها لغيره؛ لأنه بيع المسلم فيه قبل قبضه، وفي هذه يجوز التأجيل بخلاف الأول.

وأما العمل، فإن قال: استأجرت عينك لتعمل لي كذا، فهذه إجارة عين بلا إشكال، وحكمها حكم القسم الأول في جميع الأحكام، وفي تقسيمها إلى مقدرة بمدة، وبعمل، والمقدرة بالعمل هي التي أرادها المصنف بقوله: عمل الأجير، وهي مرتبة متوسطة بين القسم الأول والقسم الثاني؛ ولذلك لا تنفسخ بمضي الزمان قبل التسليم على الأصح، فعلل المصنف امتناع الرهن بها بأن عمله لا يمكن استيفاؤه من غيره، وهذا معنى صحيح سواء كان هو مورد العقد أم لا.

وإن قال: استأجرتك لتعمل لي كذا أو لعمل كذا، فاللفظ متردد بين أن يكون مقصوده استئجار عينه أو إلزام ذمته، والأصح حمله على عينه لظاهر اللفظ، فيأتي فيه ما مضى في القسم الأول، فإن كانت مقدرة بعملٍ دخلت في كلام المصنف؛ لأنها على عمل الأجير، وكانت مترددة بين إجارة المدة وإجارة الذمة كالتي قبلها وإن قُدرت بزمان.

وقال القاضي حسين: الأصح حمله على إلزام الذمة، فإن حملناه على الذمة جاز أن يستعمل غيره، وإن حملناه على العين لم يجز، وكان حكمه كما لو قال: استأجرت عينك، وإن قال: ألزمت ذمتك أن تعمل لي بنفسك

<<  <  ج: ص:  >  >>