السلم؛ ولذا إن عقدت بلفظ: ألزمت ذمتك منفعة، وكذا على ما صرح به القاضي حسين، وإن عقدت بلفظ الإجارة، فهل هي سلم نظرًا إلى المعنى أو إجارة نظرًا إلى اللفظ وجهان؛ أصحهما: الأول، فإجارة العين في كلام الرافعي منطبقة على منفعة العين الحاضرة، كقوله: أجرتك هذه الدابة أو هذه الدار وهذا العبد.
لا تعلق لها بالذمة إلا من جهة وجوب التسليم، ولا يصح عقدها بلفظ السلم، ويصح من المستأجر إيجارها لغيره ولا مجال للرهن بها؛ لأن حكمها حكم الأعيان؛ ولذلك لم يذكر المصنف هذا القسم هنا؛ لأنه إنما يتكلم في الديون وما يجوز به الرهن منها وما لا يجوز، والرافعي ذكره ومنع الرهن به وهو صحيح، إلا أن المصنف لم يَحْتَجْ إلى التعرض له، وفي هذا القسم إذا قدرها بمدة، فهي عين من كل وجه، لا يجوز استقبالها ولا إيراد عقد آخر عليها، وينفسخ العقد بمضيها قبل التسليم، وإن قدرها بعمل كأجرتك هذه الدابة لتركبها إلى بلد كذا أو العبد ليبني لك كذا، فليست كالعين من كل وجه، بدليل أنه لو أخر التسليم حتى مضت مدة إمكان العمل، لم ينفسخ على الأصح، ومع هذا مورد العقد العين حتى لا يجوز إيراد عقد آخر عليها فيما يظهر، ولكني لم أجده منقولًا.
وقد ظهر لك بهذا: أن إجارة العين الحاضرة تنقسم إلى: إجارة مدة، وإلى عمل معين غير مقدر بمدة، وكلا القسمين لم يذكرهما المصنف، فإنه إنما ذكر عمل الأجير والعمل في الذمة، وهما خارجان عما ذكرناه، وأما منفعة عين في الذمة كقوله: استأجرت منك دابة صفتها كيت وكيت، أو ألزمت ذمتك منافع دابة صفتها كيت وكيت لأركبها، أو لأحمل عليها، فهذه موردها الذمة ولا تعلق لها بعين، ويجوز عقدها بلفظ الإجارة والإلزام