للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتذكره. وهذا لا بأس به ولا وجه لبطلانه، وهو كما حملنا عليه قوله: "إلا برهن" في المدلول اللغوي فيصح، ويكون المقصود أن تجويز الواقف الانتفاع لِمَن يخرج مشروط بأن يضع في خزانة الكتب ما يتذكر هو به إعادة الموقوف، ويتذكر الخازن به مطالبته، فينبغي أن يصح هذا، ومتى أخذه على غير هذا الوجه، فقد أخذه على غير الوجه الذي شرطه الواقف فيمتنع، ولا نقول بأن تلك التذكرة تبقى رهنًا، بل له أن يأخذها، وإذا أخذها طالبه الخازن برد الكتاب، ويجب عليه أن يرده أيضًا بغير طلب، ولا يبعد أن يحمل قول الواقف الرهن على هذا المعنى حتى يصحح إذا ذكره بلفظ الرهن تنزيلًا للفظه على الصحة ما أمكن، وحينئذٍ يجوز إخراجه بالشرط المذكور، ويمتنع بغيره، ولكن لا تثبت له أحكام الرهن ولا يستحق بيعه ولا بدل الكتاب الموقوف إذا تلف بغير تفريط، ولو تلف بتفريط ضمنه ولكن لا يتعين ذلك المرهون أو فاته، ولا يمتنع على صاحبه التصرف فيه، هذا الذي ظهر لي في ذلك، ومما تنبه له أنَّا حيث قلنا: لا يجوز إخراجها برهن ولا بدونه، فأخرجها برهن صح الرهن بناء على صحته بالأعيان المضمونة؛ لأن الكتاب بالإخراج، حيث لا يجوز صار مضمونًا، لكن بشرط أن يكون القابل للرهن له أهلية القبول، فإن فرض أنه المخرج، فقد شارك في الضمان، وربما انعزل بذلك عن أهلية النظر وقبول الرهن، وما أحسن قول الغزالي: "الرهن وثيقة دين في عين" (١).

* * *


(١) الوسيط في المذهب (٣/ ٤٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>