للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستأجرة بعد انقضاء المدة على ما قاله صاحب "التنبيه"، فلو ضمن ضامن ردها ينبغي أن يجري فيه الخلاف، ولم أرهم ذكروه، ويتبع القول بالضمان فيها الخلاف في الرهن عليها.

فرع

حدث في الأعصار القريبة وقف كتب يشترط الواقف أن (١) تعار إلا برهن، أو لا تخرج من مكان تحبيسها إلا برهن، أو لا تخرج أصلًا، والذي أقول في هذا: أن الرهن لا يصح بها؛ لأنها عين مأمونة في يد موقوف عليه، ولا يقال لها عارية أيضًا، بل الآخذ لها إذا كان من أهل الوقف مستحق للانتفاع ويده عليها يد أمانة، فشرط أخذ الرهن عليها فاسد، وإن اعطاه كان رهنًا فاسدًا، ويكون في يد خازن الكتب أمانة؛ لأن فاسد العقود في الضمان كصحيحها، والرهن أمانة، هذا إذا أريد الرهن الشرعي، وإن أريد مدلوله لغة، وأن يكون تذكرة فيصح الشرط؛ لأنه عرض صحيح، وإذا لم يعلم مراد الواقف. فيحتمل أن يقال بالبطلان في الشرط المذكور؛ حملًا على المعنى الشرعي، ويحتمل أن يقال بالصحة حملًا على اللغوي، وهو الأقرب تصحيحًا للكلام ما أمكن، فإذا قال: لا تخرج إلا برهن، وحملنا الرهن على المعنى اللغوي؛ صح الشرط وجاز إخراجها به، ولم يجز بدونه، وإن حملناه على المعنى الشرعي لم يجز إخراجها به؛ لتعذره ولا بدونه، إما لأنه خلاف شرط الواقف، وإما لفساد الاستثناء، فكأنه قال: لا يخرج مطلقًا، ولو قال ذلك صح؛ لأنه شرط فيه عرض صحيح؛ لأن إخراجها مظنة ضياعها، بل يجب على ناظر الوقف أن يمكن كل مَن يقصد الانتفاع بتلك الكتب في مكانها، وفي بعض الأوقات يقول: لا تخرج إلا


(١) جاء في الهامش الأيسر ما نصه: "قلت: هذا الفرع منقول في فتاوى القفال المروزي وإيانا".

<<  <  ج: ص:  >  >>