وقال الشافعي:"إذا كان الرجل وصيًّا كان أحب إليَّ أن يتجر لهم، قد اتجر عمر بمال يتيم كان يليه، وكانت عائشة تبضع بأموال بني محمد بن أبي بكر وهم أيتام في البحر وتليهم وتؤدي منها الزكاة"(١). انتهى.
وجعل ابن الرفعة هذا النص شاهدًا لجواز إبضاعه، ثم قال: ومن القياس المذكور يعني: قياس الإمام والغزالي البيع نسيئة على الإبضاع يوجد اشتراط الثقة في المبيع عليه؛ لأن إبضاع مال اليتيم لا يجوز إلا من ثقة. انتهى.
واشتراط الثقة في البيع نسيئة ينبغي أن يكون متفقًا عليه؛ لأنهم اشترطوه في القرض، وأما قياس الإمام البيع نسيئة على الإبضاع، فاعلم أن المفهوم من الإبضاع أن يعطي البضاعة لِمَن يتجر فيها، وتكون الفائدة لرب المال والعامل لا شيء له ولا يزيد على الوكيل والبضاعة باقية على ملك رب المال لا يملك العامل شيئًا من الأصل ولا من الربح، وإذا كان كذلك ظهر الفرق، فإنه بالبيع يزيل ملك اليتيم، وبالإبضاع لا يزيله، وإنما استناب مَن يده كيده، فيما يجوز له فعله من التجارة، وإنما جاء الإشكال في أثر عائشة من جهة سفر البحر، فالإبضاع من حيث الجملة لا شك في جوازه، ولا يحتاج أن يستشهد عليه بنص الشافعي المذكور، كما فعل ابن الرفعة، وكان ظن أنه مختلف فيه وليس كذلك، فإن قلت: الإبضاع فيه إفراد بالعامل، فكان كالإيداع فتمنع.
قلت: احتمل ذلك لما فيه من تحصيل الفائدة لليتيم بخلاف الإيداع، وأيضًا الولي راقب العامل فيما في يده كل وقت ويشرف عليه، فكأنه لم ينفرد باليد، وإنما هو وكيل في التصرف، فكان كالوكيل في إيصاله إلى