للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الرواية تبين أن النبي لم يقضه من إبل الصدقة ابتداء، وإنما اشتراه منها ممن استحقه فملكه النبي بثمنه؛ وأوفاه متبرعًا بالزيادة من ماله عما كان اقترضه لنفسه . فهذا أحسن الأجوبة عن الحديث.

وقد قيل فيه أجوبة أخرى، وأبو رافع اسمه إبراهيم (١)، ويقال: أسلم، ويقال: هرمز، وهو مولى النبي . وحديث جابر متفق عليه (٢)، وهو قطعة من حديث الجمل.

أما الحكم فمذهبنا (٣): أنه تجوز الزيادة، وتستحب، ويجوز للمقرض أخذها سواء زاد في الصفة أو في العدد؛ بأن أقرضه عشرة فأعطاه أحد عشر، ومذهب مالك (٤) أن الزيادة في العدد منهي عنها.

ومن أصحابنا من قال: لا يجوز ذلك في أموال الربا، ويجوز في غيره.

وكلام صاحب "البيان" (٥) يقتضي طرد ذلك في زيادة القدر والصفة وكتب السفتجة حجة المذهب عموم قوله: "أحسنكم قضاء"، والزيادة في ثمن جمل جائز، وكتابة السفتجة من غير شرط جائز، كان عبد الله بن الزبير يأخذ من قوم بمكة دراهم، ثم يكتب إلى مصعب بالعراق فيأخذونها، فسئل ابن عباس عن ذلك فلم ير به بأسًا. وروي في ذلك - أيضًا - عن علي، وهو محمول على ما إذا لم يشرط.

فرع

في قبول الهدية إن كانت بعد رد البدل لم يكره قبولها؛ قاله الماوردي، وإن كان قبله فعندنا: أنه جائز، والتنزه عنه أولى، وقد


(١) في المخطوطة: "هيم".
(٢) البخاري (٤٤٣)، ومسلم (٧١٥).
(٣) انظر: نهاية المطلب (٥/ ٤٥٢)، البيان (٥/ ٤٦٤)، فتح العزيز (٩/ ٣٧٥).
(٤) انظر: الكافي لابن عبد البر (٢/ ٧٢٨)، الذخيرة (٥/ ٢٨٩)، التاج والإكليل (٤/ ٥٤٧).
(٥) البيان (٥/ ٤٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>