للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره من أصحابنا اختاروا عدم الاحتجاج به، وترجح عنده في حال تصنيف "المهذب" جواز الاحتجاج به، كما قاله المحققون من أهل الحديث.

وقول المصنف: السلف: القرض في لغة أهل الحجاز، ويدخل في النهي عن سلف وبيع أمران؛ أحدهما: البيع بشرط السلف؛ كقوله: بعتك أن تقرضني أو أقرضك، فإن ذلك يفضي إلى جهالة الثمن في البيع، وإلى جر منفعة بسبب السلف.

والثاني: السلف بشرط البيع، كقوله: أقرضتك بشرط أن تبيعني كذا، وهذا هو المقصود هنا، وفي معناه السلف بكل شرط يجر نفعًا قياسًا على البيع المشروط في السلف.

ويدخل في النهي ما يعتاده كثير من المتخلفين في هذا الزمان من أصحاب الأملاك؛ ترغيبًا في إيجارها بزيادة، يبذلون للراغب في استئجارها نسيئًا يسمونه: التقوية، فيستأجر بأزيد من القيمة، بحيث لو لم [يبذل] (١) له ذلك لما استأجر بتلك الأجرة، فليحذر من ذلك، نبهت على ذلك؛ تحذيرًا منه وممن يشك فيه. وإذا وقع ذلك على سبيل الشرط؛ فهو حرام بالإجماع.

وإن وقع من غير شرط في اللفظ، فأكثر العلماء على تحريمه، وعندنا مكروه، والرواية عن أُبي، وابن مسعود، وابن عباس، في "المعرفة" (٢) للبيهقي، وكذلك عن فضالة بن عبيد، وعبد الله بن سلام، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، كلهم قالوا: كل قرض جر منفعة، فهو وجه من وجوه الربا.

وعن ابن عمر، عن النبي قال: "مَنْ أَسْلَفَ سَلَفًا فَلَا يَشْتَرِطْ عَلَى صَاحِبِهِ غَيْرَ قَضَائِهِ"، هكذا رواه الدارقطني (٣) مرفوعًا.


(١) جاءت في المخطوطة: "يدل"، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٢) معرفة السنن والآثار (٨/ ١٦٩).
(٣) سنن الدارقطني (٣/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>