للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إذا كان الواجب القيمة؛ فحكى الماوردي (١) في جواز شرط الرهن والضمين وجهين؛ بناء على أن القيمة الواجبة ما هي؟ إن قلنا: أكبر أحواله من القبض إلى التصرف لم يصحَّ للجهالة، وإن قلنا: يوم القبض فيجوز.

ثم إن عَلِمَا قدر قيمته عند شرطه ووقت قبضه، جاز أخذ الرهن منه والضمين. وإن جهلاه أو أحدهما، لم يجز. واعلم أن الأصحاب تكلموا في شرط الرهن والضمين في البيع في أنه هل يجب تعيينه عند الشرط أو لا؟ وها هنا مثله، وتزداد أمرًا آخر وهو العلم بما يرهن به، ويضمن، والشك أن ذلك شرط عند الرهن والضمان، أما عند الشرط، فكلام الماوردي المذكور يقتضي اشتراطه؛ ولذلك حكى الخلاف في المتقوّم.

ويحتمل أن يقال: إنه يصح شرطه مطلقًا سواء كان المال المقرض مثليًّا أو متقومًا، معلوم القيمة أو مجهولها، سواء قلنا: يملك بالقبض أو بالتصرف، فإن كان المال مثليًّا أو متقومًا وأوجبنا المثل الصوري كفى العلم به، وأمكن الوفاء به بعد القبض وقبله؛ كما صرح به الجمهور أنه يجوز أن يقول: أقرضت وارتهنت، فيقول المخاطب: استقرضت ورهنت؛ كنظيره من البيع خلافًا لأبي إسحاق فيهما، وإن أوجبنا قيمة يوم القبض اشترط معرفتها، وتعذر الوفاء بذلك قبل القبض، وأمكن بعده إذا علماها، وإن أوجبنا أقصى القيم من القبض إلى التصرف، تعذر الوفاء به قبل التصرف للجهل بمقدار الدين، وأمكن بعده.

هذا في الرهن والضمين، أما الإشهاد، فإن أريد به الإشهاد على البدل الواجب، فكذلك يأتي فيه ما تقدم؛ لأنه لا بد أن [يكون معلومًا] (٢) وإن أريد الإشهاد على الاقتراض.


(١) الحاوي الكبير (٥/ ٣٥٧).
(٢) في المخطوطة: "يعلوما"، والمثبت أقرب إلى الصواب، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>