للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الأصح، ويلغو الشرط.

والثالث: إن كان للمقرض غرض في التأجيل بأن كان وقت نهب وغارة فسد القرض به؛ لأنه قرض يجر نفعًا.

وإن لم يكن له فيه غرض؛ بل غرضه نفع المستقرض والإهمال عليه صح القرض، وكان حالًّا؛ لأن نفع المستقرض لا ينافي القرض، بخلاف نفع المقرض، وهذا ذكره القاضي حسين اختيارًا لنفسه، قال فيه: "وينبغي أن يقال". وجزم به البغوي (١)، وصححه الرافعي (٢)، وهو حسن قوي في المعنى، وسيأتي في كلام المصنف الخلاف في فساد القرض بفساد الشرط مطلقًا.

وليس غرض المصنف هنا إلَّا الحكم بفساد الشرط، ولكنا أردنا أن نستوفي الكلام في الأجل وإنما لم يثبت الأجل، وإن قصد به رفق المستقرض؛ لأنه يقابله قسط من العوض؛ فيصير في معنى شرط أن يردَّ أقل مما أخذ، وقد ورد في البخاري (٣) أن النبي ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ فَقَالَ: ائْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ. فَقَالَ: كَفَى بِاللهِ شَهِيدًا. قَالَ: ائتِنِي بِالْكَفِيلِ. قَالَ: كَفَى بِاللهِ كَفِيلًا. قَالَ. صَدَقْتَ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. وهذا إن كان حكمه ثابتًا في هذه الملة؛ فيدل على أن القرض لا يفسد بشرط الأجل، وليس صريحًا في أن الشرط يصح كما يقوله مالك، أو يلغو كما هو الأصح عندنا.

وروي أيضًا عن أبي سعيد قال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ يَتَقَاضَاهُ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ، فَأَرْسَلَ إِلَى خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، فَقَالَ لَهَا: "إِنْ كَانَ عِنْدَكِ تَمْرٌ


(١) التهذيب (٤/ ٢١).
(٢) فتح العزيز (٩/ ٣٨٠).
(٣) البخاري (٢٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>