وهذا ترجيح حسن، ونية صالحة بزيادة الأجر على صبره عليه.
وقيل: إنما كان القرض خيرًا من الصدقة؛ لأن الصدقة قد تدفع إلى من هو غني عنها، ولا يسأل إنسان إنسانًا القرض إلَّا وهو محتاج إليه، وفي كتب بعض أصحابنا حديث أن النبي ﷺ قال: "الصدقة بعشرة والقرض بثمان عشرة"، ولا أعرف لهذا الحديث أصلًا.
فهذه آثار في الترغيب في القرض، وأما جوازه ومشروعيته، فمعلوم من الشرع بالضرورة، وصح فيه أحاديث سيأتي بعضها في الباب.
وقد تغايرت عبارات المصنف في القرض والهبة والعتق، تارة يقول: قربة مندوب إليها، وتارة يقتصر على أحد اللفظين، وتارة يغاير بين "المهذب" و"التنبيه"، والكل صحيح، وكلها قربة ومندوب إليها؛ إما بدليل عام أو بدليل خاص، وكذلك عيادة المريض وزيادة القادم، وهي مرتبة متوسطة بين العبادات التي عرف اهتمام الشارع بتكليف الخلق إيقاعها على حقيقة العبادة، وبين المباحات التي لا تقع قربة إلَّا بالقصد؛ كالأكل بقصد التَّقوِّي على العبادة.
والقربة في أصل وضعها، تشمل الواجب، فهي أعم من المندوب بهذا الاعتبار، وزعم ابن أبي عصرون أن المصنف احترز بقوله: مندوب إليها من الجهاد بغير إذن الوالدين فإنه قربة، وليس بمندوب، وهذا ركيك؛ لأن الجهاد بغير إذن الوالدين، معصية، فكيف يقال بأنها قربة؟!