للمسلم إليه؛ لأنه لم يقبضه له، ولا يبرأ الدافع وهو الذي يقتضي كلام صاحب "البحر"(١) ترجيحه.
وإن كان المسلم إليه هو الذي اكتاله له فيترجح صحة قبضه لنفسه، ويلغو قصده؛ لأن المعتبر في الإقباض إذن الدافع وأخذ المستحق، وقد حصلا، فإن فرض أن الدافع لم يأذن، وإنما قصد تسليم الثاني لنفسه لم تبرأ ذمته، ولا يصح القبض للمسلم إليه في الصورتين.
فإن قلت: فكيف يتجه الخلاف، وكان ينبغي القطع بأنه لا يصح؟
قلت: أما إذا لم يقصد الدافع الدفع إلى المسلم إليه، فلا يتجه إلا القطع بالفساد، وعدم البراءة، وأما إذا قصد وهو الذي أراده الأصحاب فيتجه الخلاف في الصورتين، وإن كان الراجح ما ذكرناه، أما فيما إذا اكتال المأذون فلأنه في ضمن الإذن له بالقبض لنفسه إذنًا بمطلق القبض؛ فإذا فسد اكتياله لنفسه أمكن أن يقال: بصحته لموكله وهذا يناظر على الفلس إذا اشترى لزيد وليس وكيلًا عنه حيث يقول: بصحته له.
وأما فيما إذا اكتال المسلم إليه؛ فلأنه لم يقصد الكيل لنفسه، بل صرفه عنه بقصد غيره؛ فكأنه يكيله له واسطة في الكيل فلا يعد قابضًا، هذا وجه من الكلام، والأصح: ما قدمته.
وقوله:"فإن قلنا: إن قبضه لا يصح اكتال لنفسه مرة أخرى" ظاهر، وقد يقال: كان ينبغي أن يرده إلى يد الدافع ثم يكتاله، ويؤيده ما تقدم في المقبوض جزافًا أنه يرد ما دام باقيًا.
وقوله:"وإن قلنا: إن قبضه يصح كاله للمسلم" لا إشكال فيه.
وقوله:"وإن قال له: احضر معي .. إلى آخره" هي المسألة الثالثة،