للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الرحمن: يا أبته أوصني، قال: ابك من خطيئتك.

فالأصح حينئذ أن عبد الرحمن سمع من أبيه، فأصح ما في الباب رواية عبد الرحمن هذه، ورواية ابن الأشعث التي ذكر البيهقي أنها أصح ما في الباب، وعندي في الترجيح بينهما نظر، وكلاهما متفقان على أن القول قول البائع: أَوْ يَتَتَارَكَا ولا تنافي بين اللفظين، فإن قوله: "أَوْ يَتَتَارَكَا" يحتمل معناه - والله أعلم -: أنه إن لم يحلف البائع، تتاركا وتفاسخا البيع، وذلك إنما يكون باختيارهما، ومن المعلوم أن ذلك جائز لهما.

والمقصود: أن ليس لهما طريق إلى الخلاص إلَّا التفاسخ أو حلف البائع، ثم إذا حلف البائع ماذا يكون الحكم هذه الرواية ساكتة عنه، ورواية عون وأبي عبيدة مُبيِّنة للخيار للمشتري بعد حلف البائع.

قال أصحابنا: معناه المشتري بالخيار، إن شاء أخذ بما حلف عليه البائع، وإن شاء حلف ورده.

ويحتمل أن يكون المراد: "الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَوْ يَتَتَارَكَا" بالتحالف؛ لأن التتارك بغير يمين لا يجوز، قاله القاضي أبو الطيب (١): فالمعنى أنه إن اعترف المشتري بما يقوله البائع، وإلا تحالفا وتتاركا، وعلى هذا لا منافاة بينه وبين رواية عون، ويكون في رواية؛ عون زيادة بيان البدأة بيمين البائع - والله أعلم -.

والاحتمال الأول أقرب؛ لأن في الحديث في رواية؛ أن الأشعث قال لابن مسعود: أَرَى أَنْ يُرَدَّ الْبَيْعُ (٢).


(١) القاضي أبو الطيّب: طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري، قاض من أعيان الشافعية، ولد في آمل طبرستان سنة: (٣٤٨ هـ)، واستوطن بغداد، وولي القضاء بربع الكرخ، توفي ببغداد سنة: (٤٥٠ هـ). انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (٥/ ١٢)، الوافي بالوفيات (١٦/ ٢٣٠).
(٢) سنن البيهقي الكبرى (١٠٥٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>