للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقام كل منهما بينة بما ادعاه وأرختا بوقت واحد، تعارضتا، ولو أن العقد واحد لثبت ما اتفقت البينتان عليه، فدل على أن كلًّا منهما مُدَّعٍ عقدًا غير الذي يدعيه صاحبه.

وقد اعترض ابْنُ أَبِي عَصْرُونَ (١) على المصنف في قياسه، على "ما لو ادعى دينارًا على من ادعى درهمًا، فإن كلًّا منهما يحلف يمينًا واحدة، فلا يلحق به من يحلف يمينين" (٢).

والجواب: أن مراد المصنف كون كل منهما يحلف، كما دل عليه خبر ابن عباس؛ وأما كيفية اليمين، فسيأتي الكلام فيها.

وقد زعم الشيخ تاجُ الدِّينِ الْفَزَارِيّ (٣): أن التحالف على خلاف حديث ابن عباس من جهة أنا سوينا بين المدعي والمنكر [في] (٤)، والحديث يخص اليمين بالمنكر.

والجواب: ما قدمناه من أن كلًّا منهما مدَّعٍ ومنكر، ولابد لنا من الكلام على خبر ابن مسعود، وإن كان المصنف قد ذكره في الفصل الذي بعد هذا، وعلى مذاهب في هذه المسألة؛ فأما خبر ابن مسعود، فقد روي من طرق منها


(١) ابن أبي عصرون: عبد الله بن محمد بن هبة الله التميمي، شرف الدين أبو سعد، ابن أبي عصرون، من أعيان الشافعية، ولد بالموصل سنة: (٤٩٢ هـ)، وإليه تُنسب المدرسة (العصرونية) في دمشق، توفي سنة: (٥٨٥ هـ). انظر: الوافي بالوفيات (١٨/ ٢٦٥)، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (٧/ ١٣٢).
(٢) الانتصار (ص: ٣٢٣) بتصرف يسير. رسالة دكتوراه من بداية كتاب البيع وحتى نهاية كتاب الشفعة.
(٣) تاج الدين الفزاري: تاج الدين عبد الرحمن بن إبراهيم بن ضياء الفزاري، المعروف بابن الفركاح، فقيه أهل الشَّام، كان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يسميه "الدويك" لحسن بحثه، ولد سنة: (٦٢٤ هـ). وتُوفّي بدمشق سنة: (٦٩٠ هـ). انظر: طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (٧/ ١٣٢)، الوافي بالوفيات (١٨/ ٥٨).
(٤) هنا سقط من المخطوطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>