للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الثابت بها الخيار فقط، فإذا أجاز فلا شيء له، وإن جعلناها كجناية الأجنبي.

وقد أجاز فيرجع عليه بالأرش، وهذا ما قطع به الغزالي من القول بثبوت الخيار، أما على المنقول عن أبي علي الطبري، فينبغي أن لا أرش، ولا خيار، ولا أثر لذلك بعد التخلية وهو القياس، وهذا الفرع لا ذكر له في "النهاية" في هذا الموضع، ولا في "شرح الرافعي"، وسَوَّى ابن الرفعة في "شرحه" لكلام الغزالي في ذلك بين العيب الحاصل بترك السقي، والحاصل بانقطاع الماء، وفيه نظر.

والظاهر أن العيب الحاصل بانقطاع الماء كالعيب الحاصل بالجائحة، فيثبت به الخيار على القديم، ولا يثبت الخيار على الجديد، ويحتمل أن يقال: إنه كترك السقي؛ لأن فيه فوات ما التزمه البائع بخلاف الجائحة.

واعلم أن كلام الرافعي في مسألة الإجارة (١) يقتضي أن الأصح عنده في الأرش: أنه يجب بعد القبض ولا يجب قبله، فإنه حكى الخلاف، والصحيح فيها ذلك.

ثم قال: "ويجري هذا الخلاف في وجوب الأرش" (٢) وهو ها هنا من الجازمين بثبوت الخيار، فيقتضي ذلك أن الأصح عنده هنا: وجوب الأرش، لكن مأخذ القول الصحيح في مسألة الأجرة مستمدٌّ من أن جناية البائع كالآفة السماوية؛ ولذلك أسقطها قبل القبض، ومن أن اتصال ملك البائع بالمبيع لا يمنع من القبض بالتخلية؛ ولذلك أوجبها بعد القبض.

وهذا المعنى يقتضي إسقاط الخيار في مسألتنا؛ لأنه إذا تم القبض فلا


(١) في المخطوطة: "الحجارة".
(٢) فتح العزيز (١١/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>