للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أصح عند ابن أبي عصرون، وأطلقوا الوجهين من غير تفصيل فيما دون مسافة القصر، وذلك يشمل مسافة العدوى ودونها.

وفي "شرح التنبيه" للشيخ تَاج الدِّينِ الفَزَارِيّ أن مسافة العدوى ودونها في حكم البلد، ولم أر ذلك لغيره، ولما كان المصنف فيما تقدم جازمًا بالفسخ في حالة الغيبة البعيدة، لا جرم لم يذكر هنا على الوجه الثاني غيره؛ إلحاقًا لذلك بالغيبة البعيدة، ويأتي فيه الوجه الآخر المذكور هناك الذي اقتصر عليه في "التنبيه"، وهو بيع السلعة وتوفية الثمن من ثمنها، وبه صرح الماوردي (١) المسافة في المتوسطة عنده، وإن لم يذكره في الغيبة البعيدة عنده، فمجموع الأوجه التي تأتي هنا، ثلاثة كما هي في الغيبة البعيدة.

لكن الأصح هنا القول: بالحجر، كما يقوله ابن سريج، فهو والأصحاب هنا متفقون [على] (٢) الصحيح في القول بالحجر، لكنه يقول برد العين إلى البائع، وهم لا يقولون به فيما يظهر من كلامهم، بل يبقى في يد المشتري، فإنه قد سقط حق الحبس بالتسليم، ويؤيد ما قاله ابن سريج (٣): أن الزوج إذا سلم الصداق، فامتنعت من غير عذر وقلنا: يجبر الزوج فإن له الاسترداد، قال الإمام: "وحاصل كلام ابن سريج يؤول إلى أنَّا إذا عرفنا غيبة المال، لم نوجب على البائع البدأة بالتسليم؛ إذ لا فائدة في التسليم والاسترداد" (٤).

قلت: وهذا من الإمام بناءً على اختياره في أن حق الحبس للبائع لا يثبت مع القول بإجباره، وقد تقدم عن الأكثرين خلافه، وأن البائع لا يجبر على


(١) الحاوي الكبير (٥/ ٣٠٩).
(٢) مكرر في المخطوطة.
(٣) نقله عنه الإمام الجويني نهاية المطلب (٥/ ٣٧١)، ونقل عن الجويني ابن الرفعة في كفاية النبيه (٩/ ٣١٦)، والاسنوي في الهداية إلى أوهام الكفاية (٢٠/ ٣٧٢).
(٤) نهاية المطلب (٥/ ٣٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>