للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تضمن كلام الماوردي (١) أن الأصحاب خرجوها أقوالًا، ومقتضى ذلك إثبات قولين زائدين ما حكاه المصنف أحدهما تخيير الحاكم بعد الإحضار إليه، وهو القول الأول في كلام الشافعي، وإثبات التخيير فيه ظاهر من كلام الشافعي ظهورًا قويًّا كما تقدم، والثاني إلى عدل وهو الثالث في كلام الشافعي، والقول الذي حكاه المصنف من أنه يجبرهما على الإحضار ويسلم دفعة واحدة، لم يتضمنه كلام الشافعي صريحًا، ولا كلام الماوردي وأبي إسحاق، فيحصل من اجتماع الطرق الثلاث خمسة أقوال؛ نعم الأصحاب اختلفوا في معنى قول الشافعي: إنه يلزمهما بالتسليم إلى عدل ما معناه، وسأتكلم على ذلك إن شاء الله.

الطريقة الثالثة: وهي مقتضى ما نقل عن أبي إسحاق المروزي، ونسبها الشيخ أبو حامد إلى الأصحاب أن في المسألة ثلاثة أقوال؛ اثنان منها هما الثاني والثالث في كلام المصنف، والآخر إجبارهما على تسليم المبيع والثمن إلى عدل، ثم [يُسلم] (٢) إلى كل واحد منهما حقه لا يبالي بأيهما بدأ، وهذا هو القول الثالث مما حكاه الشافعي.

وعند أبي إسحاق أنه مع الأول قول واحد، وإن تغايرا في الصورة؛ لأنه لا فرق بين الحاكم وبين العدل المنصوب من جهته كما تقدم ذلك عن الشيخ أبي حامد، لكن الشيخ أبو حامد لا يوافقه في كونها ثلاثة أقوال كما سأبين.

وهذه الطريقة التي ذكرت عن أبي إسحاق تقتضي إثبات قول بأن الحاكم يتخير بعد إحضار المبيع، والتخيير في كلام الشافعي ظاهر ظهورًا قويًّا، وإن كان الرافعي وأكثر الأصحاب المتأخرين لم يحكوه، فإذا ضم إلى ما حكاه المصنف صارت أربعة أقوال، ثم إن أبا إسحاق اختار من الأقوال الثلاثة


(١) الحاوي (٥/ ٣٠٧).
(٢) في المخطوطه: سلم، ولعل الصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>