ومنهم من حمله على أن المراد إجبارهما، ولا شك أنه محتمل لذلك، إلا أنه ظاهر في الأول، وحيث اقترن به ما قدمناه من مدلول كلام الشافعي في "الأم" تعين حمل المزني عليه، وأن المراد إجبار البائع ليس إلَّا، وهذه طريقة من يقول بإجبار البائع وهي الطريقة الثانية في كلام المصنف، وهي الصحيحة مذهبًا وحجاجًا، أما مذهبًا فلما تقدم من كلام الشافعي، وأما حجاجًا؛ فلما ذكره المصنف في توجيه القول الثالث من العلتين:
الأولى: أن حق المشتري يتعلق بالعين، والمتعلق بالعين متعلق مقدم على المتعلق بالذمة، وهذا يشير إلى أن جانب المشتري أقوى.
والثانية: لا تحتاج إلى بيان القوة، ولكن نقول: إنهما وإن تساويا في الاستحقاق، فالبائع قد استأثر بالتصرف في الثمن بالاعتياض عنه والحوالة به فينبغي إجباره على تسليم المبيع؛ ليتصرف فيه المشتري، ويحصل بذلك العدل بين الجانبين.
وأيضًا؛ فإنه يترتب على تسليم المبيع استقرار العقد بخلاف الثمن؛ لاحتمال تلف المبيع بعد قبض الثمن، فكان في البدأة بتسليم المبيع فائدة ليست في البدأة بالثمن.
والتعليلان الآخران مستقيمان مطلقًا، وممن قال بهذه الطريقة الشيخ أبو حامد، وجماعة على ما نقله الروياني (١) على أنني لم أر في "تعليقة أبي حامد" إلَّا ترديد القول بين أَلَّا يكون للشافعي إلا قول واحد كهذه الطريقة، أو قولان كالطريقة التي سنحكيها إن شاء الله تعالى.
الطريقة الثانية: التي أوردها المصنف: أولًا: إثبات ثلاثة أقوال كما ذكرها المصنف، وهي التي أوردها أكثر العراقيين أن في المسألة ثلاثة أقوال، وقد