للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا تقرر ذلك عدنا إلى جواب المزني (١)، فمن اعتبر كون اليمين على وفق الجواب، قال مراد الشافعي : ما إذا ادعى المشتري عيبًا سابقًا على البيع، وأراد الرد به، وقال البائع في الجواب: بعته وما به هذا العيب، فيحلف كذلك، ولو قال المشتري: قبضته معيبًا ونفاه البائع في الجواب، حلفه كما ذكره المزني، ولو اقتصر في الجواب على أنه لا يستحق الرد، لم يلزمه ذكر هذا ولا ذاك.

ومن قال: يكفي اليمين على نفي الاستحقاق بكل حال، قال: لم يقصد الشافعي أنه الآن على ماذا يحلف ولأي شيء يتعرض، ولكن أراد أن يبين أنه يحلف على البتِّ، فلا يقول مثلًا: بعته وما أعلم به عيبًا، ولكن يقول: بعته وما به عيب، ويجوز اليمين على البت إذا اختبر حال العبد واطلع على خفايا أمره، كما يجوز بمثله الشهادة على الإعسار وعدالة الشهود وغيرهما، وعند عدم الاختبار يجوز الاعتماد على ظاهر السلامة إذا لم يعرف، ولا أظن خلافه، فهذان جوابان جيدان، والأول أحسنهما.

وقال ابن داود في "شرح المختصر": إذا ادعى المشتري أنه قبضه معيبًا خلفنا البائع، كما قال المزني (٢)، ثم لا يرضى أن يكتفي بقوله: لقد أقبضته بريئًا من هذا العيب؛ إذ قد يقبضه وديعة أو عارية، ثم يحدث العيب، ثم يبيعه منه، فيكون العيب من ضمان البائع، لكن يقول: لقد أقبضته بعد البيع بريئًا إن ذكر أن الإقباض كان بعد البيع، أو يقول: لقد حصل مقبوضًا له بعد البيع وهو بريء من البيع، وهذا اعتراض حسن على المزني كاعتراضه على الشافعي، والمراد من الإطلاقين ما تقدم تحريره.


(١) مختصر المزني (٨/ ١٨١).
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>