وقوله: فقال البائع: عندك حدث العيب، أي: في يدك بعد القبض.
وقوله: وقال المشتري: بل حدث عندك، أي: في يدك؛ إما قبل البيع، وإما بعد البيع وقبل القبض، فإن مدار الرد على وجود العيب عند القبض، فلو لم يكن معيبًا عند البيع وتعيب قبل القبض، ثبت الرد، ولو كان معيبًا عند البيع وقبضه وقد زال العيب، فلا رد له بما كان، بل مهما زال العيب قبل العلم أو بعده وقبل الرد سقط حق الرد.
وقوله:"فالقول قول البائع"، أي: مع يمينه، وقد اتفق الأصحاب على ذلك.
وقوله:"لأن الأصل عدم العيب"؛ أي: فيستصحب ذلك الأصل إلى وقت خروجه عن يد البائع، وذلك مطرد في كل ما يشك في حدوثه، وفي كل أصل كان في الماضي أنه يستصحب عدميًّا كان أو وجوديًّا يستصحب الماضي إلى الحال.
وقد استعمل بعض المتأخرين من الأصوليين والجدليين: الاستصحاب من الحال إلى الماضي في كل ما تحقق وجوده الآن، واحتمل وجوده في زمان ماض، فيستدل بوجوده الآن على وجوده في ذلك الزمان، وإذا استعملت هذه الطريقة هنا حصل منها معارضة الأصل الذي ذكره المصنف؛ لدلالتها على وجوده في يد البائع، لكنا نقول: ولو سلمنا ذلك فيتعارض هذان الأصلان، ويبقى معنا أصل آخر، وهو لزوم العقد واستمراره، وعلى هذا الأصل اقتصر الرافعي (١) في الاستدلال فخلص من الإيراد المذكور، لكنه لم يخلص من المعارضة في الجملة، فإنه قد يجعل الأصل الدال على وجوده في يد البائع معارضًا للأصل الدال على لزوم العقد حتى يذكر الترجيح بعد ذلك.