وأما ما ذكره النووي (١) من أن الوكيلين إذا تحالفا بفسخ العقد، فصحيح لا إشكال فيه، وقد يقال: إنه كيف يرفع العقد بحلف الوكيلين، وفي ذلك إبطال حق الموكلين، وقد يكون لكل من الموكلين غرض في بقاء العقد.
أما موكل البائع، فظاهر لزيادة الثمن وموكل المشتري؛ لتعلق غرضه بالعين، ولا شك أن رجوع الوكيل عن إقراره في حق موكله غير مقبول، كما قاله المصنف في تعليل الوجه الثاني، فما السبب في إبطال حق الموكل هنا بحلف الوكيل.
والجواب: أنا لم نُبطل حق الموكل بحلف وكيله، وإنما أبطلناه بحلف غريم وكيله، وقد حلف على نفي ما ادعاه الوكيل عليه، فانتفى ثبوته في حقه، وهكذا في الطرف الآخر، وفي ذلك انتفاء العقد من الطرفين أو تعذر ثبوته، فيفسخ؛ مثاله أن وكيل البائع لما ادعى أنه باع بألف، فادعى المشتري أنه اشتري بخمسمائة، ولم يتقدم منه إقرار ينافي ذلك، فإذا تحالفا فقد حلف المشتري أنه ما اشترى بألف.
وقوله مقبول في ذلك، وقول وكيل البائع عليه غير مقبول، فانتفى لزوم البيع والثمن للمشتري، ووكيل المشتري لما ادعى أنه اشترى بخمسمائة، وادعى البائع أو وكيله أنه باع بألف، ولم يتقدم منه إقرار ينافي ذلك، فإذا حلف البائع أو وكيله أنه ما باع بخمسمائة لم يلزمه حكم البيع وترجع العين إليه، فقد تبين أن من ضرورة التحالف إخراج العين عن ملك موكل المشتري والثمن عن ملك موكل البائع.
فإن قلت: فإذا ينبغي أن يلزم وكيل فاضل الثمن؛ لاعترافه بصحة البيع به كما في حالة النكول.