للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون الوجهان اللذان حكاهما الماوردي (١) هنا في أن الحالف هل هو الوكيل أو الموكل مفرعين على الوجهين الأولين في العهدة.

والثالث: وهو الصحيح غيرهما، وهو أن التحالف جائز لهما، وإن كان مأخذ الخلاف في التحالف غير ذلك.

وهو ما يشعر به تعليل المصنف وغيره، فكيف يتأتى أن يقول بالتحالف مع عدم القول بالعهدة، فإن التحالف فرع الدعوى، والدعوى الصحيحة لا تتوجه على من لا تتعلق العهدة به، والإمام في كتاب الصداق حكى "عن كثير من العراقيين القطع بأن الولي يجري التحالف بينه وبين الخصم فيما يتعلق بإنشائه -كما سنحكيه عنه قريبًا- وأنهم طردوه في القيمة، والوكيل بالعقد، فإن كلًّا منهم لو أقر بالإنشاء" (٢). قيل: وذكر من الاستدلال لهم أنه لو تعلقت الدعوى بالوكيل فيما هو مطالب فيه بالعهدة، فلا شك أنه يحلف من جهة أنه فيما يطالب فحنث عما يتعلق بخاصته، فكلام الإمام هذا تنبيه على أن الوكيل الذي تعلقت العهدة به يحلف قطعًا واستدلاله بذلك على التحالف أبدل المغايرة، فيكون مأخذ الخلاف في التحالف أنه هل هو من أحكام العقد التي تتعلق بالوكيل كالفسخ والرؤية وغير ذلك أو لا؟!

فعلى الأول يجري التحالف بين الوكيلين، وإن لم يقل يتعلق العهدة بالوكيل وتسمع الدعوى عليه؛ لكونه خليفة الموكل في أحكام العقد لا لتعلق العهدة به، وعلى الثاني: لا يجري التحالف، وإن قلنا بتعلق العهدة؛ لعدم جعله من أحكام العقد، وإنما يتوجه على الوكيل الحلف على خاصة نفسه على قول العهدة دون التحالف، وهذا هو الأقرب إلى كلام المصنف والأصحاب، فليس الخلاف حينئذٍ مأخوذًا من الخلاف في العهدة.


(١) الحاوي الكبير (٥/ ٣٠٦).
(٢) نهاية المطلب (١٣/ ١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>