للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرهن وأنكر المالك واستغربتم الوجه الذي حكاه الغزالي في الدعاوى ولم تجعلوه صريحًا في ذلك، وهذا قول منصوص للشافعي والمزني قائل به بتصديق صاحب اليد في دعوى الرهن.

قلت: ليس كذلك، ويكفي في دفع هذا الخيال كلام الماوردي، وكلام الإمام: أما الماوردي فإنه إنما ذكر القولين فيما إذا صدقهما، ولكن أقر بالسبق لغير صاحب اليد، واستدل لتصديق الراهن بأنه لو أنكر الرهن وكان في يده لم تكن يده دليلًا على صحة دعواه كذلك إذا اعترف أنه رهنه بعد الأول رهنًا فاسدًا كان كما لو أنكره ولم تكن يده دليلًا، واستدل للقول الآخر بأنهما لو تداعياه بيعًا وأقر لهما بالبيع، وأن أحدهما سبق، كان القول قول صاحب اليد. ثم فرق بأن إقرار الراهن في ملكه وإقرار البائع في غير ملكه (١). وأما الإمام فقال: "ولا يكاد يخفى فرض المسائل كلها في تسليم جريان الرهن في صورته مع الرجلين، وإنما النزاع في السابق بالقبض" (٢).

ثم قال: "واختار المزني أضعف القولين، وقال: إذا أقر المالك بالرهن والقبض لمن لا يد له، فالقول قول صاحب اليد، وهذا تقديم منه لليد على الإقرار، وليس له أصل، ولا يعرف أن الإنسان إذا كان في يده ملك لغيره، فادعى أنه رهنه منه المالك، وأنكر صاحب الملك أصل الرهن، فالقول قول المالك في نفيه، ولا حكم ليد مدعي الرهن، وإنما القولان فيه إذا جرى الرهن، وآل التنازع إلى القبض. وإذا كان الرهن لا يلزم بنفسه، فأي أثر له والقبض متنازع فيه؟!


(١) الحاوي الكبير (٦/ ٢٢٨).
(٢) نهاية المطلب (٦/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>